أوكرانيا والخيار النووي

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

أثار اقتراب القتال من المواقع النووية في أوكرانيا هلعاً في العالم الغربي، خصوصاً، نظراً للأخطار المحتملة جراء إصابة أي محطة نووية وتسرب الإشعاعات إلى أجزاء واسعة من أوروبا والعالم، في وقت لا يزال الهاجس النووي يقض مضاجع الجميع بعد إعلان موسكو عن وضع سلاح الردع النووي لديها في حالة التأهب.

 من البديهي أن تتسيد هذه المخاوف كل ما عداها من الأخطار في ظل هذه الأجواء المشحونة وحالة التحشيد والتجييش والاستقطاب التي تواكب الحرب الأوكرانية، وفي ظل إمكانية حدوث أي خطأ بشري بغض النظر عن المسؤول أو الجهة التي تقف وراءه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل الخيار النووي مطروح فعلاً في الحرب الأوكرانية؟

 في أوج التحشيد الإعلامي والعقوبات الشرسة التي اعتبرت بمثابة حرب موازية، يستند الكثيرون إلى تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اليوم الأول لبدء العملية العسكرية، عندما تحدث متوجهاً للغرب «من يفكّر في التدخّل لعرقلة تقدمنا يجب أن يعرف أن الردّ سيكون فورياً، وأنه سيؤدي إلى عواقب لم تعرفوها في تاريخكم»، قبل أن ينتقل إلى الإعلان عن حالة التأهب في سلاح الردع النووي الاستراتيجي. 

 ومع ذلك فقد أشير إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال خلال اجتماعه مع بوتين قبل اندلاع الحرب «إذا كان لديكم سلاح نووي فنحن أيضاً لدينا الزر النووي». وفي رده على أسئلة الصحفيين قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف «لسنا مجانين في موسكو.. وهم (الغرب) من بدأ الحديث عن السلاح النووي، وهي أفكار موجودة في رؤوسهم»، مشيراً بذلك إلى ما قاله ماكرون، والتصريحات التي صدرت عن القيادة الأوكرانية حول اهتمامها بامتلاك السلاح النووي. 

 وعلى العموم، يتفق الجميع، في الغرب كما في الشرق، أن الخيار النووي ليس مطروحاً أو قابلاً للاستخدام لا في أوكرانيا ولا في غيرها، ففي واشنطن التي تعاملت مع هذه المسألة بهدوء، أكد «البنتاجون» أنه لا يوجد أي تغيير في حالة السلاح النووي الروسي رغم إعلان حالة التأهب، بينما دافعت موسكو عن الاتهامات الموجهة إليها باستهداف المواقع النووية الأوكرانية، بأنها اتهامات مضللة، وأن من تسميهم القوميين المتطرفين في أوكرانيا هم من حاولوا استهداف محطة «زابوريجيا» النووية، مشددة على أن موسكو تعرف أكثر من غيرها ويلات وتبعات الإشعاعات النووية جراء انفجار محطة تشيرنوبل في ثمانينات القرن الماضي. كما أن موسكو تدرك أن استهداف أي مكان في أوروبا بالسلاح النووي سيلحق الضرر بروسيا نفسها.

الجميع يدرك أن السلاح النووي غير قابل للاستخدام الفعلي، لأن الكارثة ستطال الجميع وربما يلحق الدمار بالبشرية جمعاء، إلا أن ذلك لا يلغي إمكانية استخدامه كسلاح للردع، بمعنى الاتكاء عليه لردع الخصوم من دون استخدامه، كما في الحالة الأوكرانية، لمنعهم من إدخال المساعدات الأمنية والعسكرية، مع أن إمكانية استخدام سلاح نووي تكتيكي محدود تبقى واردة ومفتوحة على إمكانية رد من الغرب بالمقابل، وهنا مكمن الخطورة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"