الأبعاد الدفاعية فـي الـعـلـوم

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

هل من شك في أن العلوم والتقانة ستكون الفوهة التي تنطلق منها أسلحة المستقبل؟ الأكثر تقدماً فيها، سيكون الأقدر على الدفاع عن وطنه ومقدراته؟ عوالم الدفاع لا يُعرف من أين تبدأ علومها، ولا أين تنتهي أسرارها. هي قائمة على العلوم.
خذ أشدها تعقيداً: جهاز المناعة الآدميّ. لا يعلم العلماء عجائب سلوك الجزيئات، وآليات أداء وظائفها. للأسف، لا تعني العلوم والعلماء منظومة قيم سامية بالضرورة. لا عاقل يستطيع أن يُسقط من الحسبان الأرواح الشريرة في مخابر أسلحة الدمار الشامل. لا تسأل الثقافة والفكر والإيمان بالمبادئ الإنسانية، عن رأيها في الفجائع، فإنه لا جدوى من تأوّهها قائلة: كيف يمكن لأعلم الأدمغة بعظمة الخلق في الكون والحياة، أن تعكف سنين باحثة عن أفظع السبل للإلقاء بالبشرية إلى أم قشعم، في حين قضى الكون 13.7 مليار سنة، في التمهيد لتسلمها مقاليد الكوكب، وربما ما هو أبعد؟
من أصغر الجزيئات في أجهزة المناعة في الكائنات الحيّة، نباتات وحيوانات، إلى جحيم القنابل الهيدروجينية الانصهارية، تقودك التأمّلات في فلسفة الدفاع إلى أن التقدم العلمي والتقاني، ناجم عن قوّة غريزية لا تتوقف عند حد في طموحها إلى التفوق. 
المذهل هو أن قفزاتها في البحث العلمي والاختبار، لا تحصى فيها الإيجابيات والسلبيات. الاختراعات كثيراً ما تستغل لأغراض عسكرية، ثم يتبيّن أنها يمكن أن تيسّر تقدم البشرية. 
الإنترنت هكذا، أنشئت لغايات عسكرية، درءاً لخطر استخدام الروس السلاح النووي لتدمير مركز الاتصالات في الولايات المتحدة، فكان الحل إيجاد خوادم متعددة، حتى إذا قصف أحدها، ظلت البقية تؤدي الوظائف.الآن، لا يحصى عدد وظائف الشبكة، فهي تغمرك ببحار العلوم والمعارف، وهي همزة الوصال بين قلوب العشاق، وهي تشنّف أذنك بما تهوى من الأنغام، وما يملأ عينيك من الأفلام، ولك فيها ألوف المآرب الأخرى.
ألعاب قوى الأقوياء، التغيّر الوحيد فيها هو منسوب التقدم العلمي والتقاني عبر الحقب والعصور. أقرب المسالك إلى حكمة القدرة على الاستجابة في كل منعطف تبرز فيه تحديات مفاجئة جديدة، هو أن تضع نصب عينيك أنك إذا أهملت الأبعاد الدفاعية للعلوم، فإن غيرك لا يهملها.
لزوم ما يلزم: النتيجة التلخيصية: كل هذا الإسهاب والإطناب يلخصه المثل: «ما حكّ جلدك مثل ظفرك».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"