نسبيّة مخاوف التقدّم

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تحتاج نظرات البعض، في شأن الرقميّ والذكاء الاصطناعي، إلى إعادة نظر؟ الالتباسات لا تنحصر في العامّة، فحتى الخاصّة، وخاصّة الخاصّة، تشطح بعيداً في تضخيم الآثار المستقبلية. مثال الخاصّة بيل جيتس، ومثال خاصة الخاصة الفيزيائي الراحل ستيفن هاوكينج. كلاهما أبدى مخاوفه إزاء ما يمكن أن يسفر عنه تطوّر ذكاء الآلة. هؤلاء العلماء كثيرون، وتخصصاتهم شتى، ما يعني أن التفكير الرصين واجب.
لكن من الحكمة الأخذ في الحسبان أن تلك الفئة ليست الوحيدة، ولا الحاسمة في الميدان. التقدّم العلميّ والتقاني يفتح آفاقاً للإنسانية لا حدود لها، لكن أوّل ما يوجّه البوصلة الوجودية، هو وسائل الحفاظ على الحياة، التي تتعارض مع رغبة الآخر أيضاً في الحفاظ على حياته. لا أحد يفصل الدفاع عن الهجوم. بقي أن في ساحات الحياة ألف متسع للابتكار والإبداع والتنمية المفيدة والتنافس البنّاء. يعود الطرح تلقائياً: من يحمي المبتكرين والمبدعين والساهرين على التنمية الفذّة والتنافس النزيه؟
الحضارة الإنسانية الآن في عنق الزجاجة، لأن الخطر هو أن الإنسان تخطى قليلاً مرحلة الحيوان. لهذا تضاعف خطره. حين يتصارع أسدان، ينسحب المغلوب بعد العضات الأولى. قلّما يحدث هذا في حروب الآدميين. الخطر الآخر غذائي، هو جشع الطاقة. الذئب إذا شبع استراح. الآدمي، لا. الطاقة لدى البشر هي المبتدأ والخبر. كل تقدم علمي تقاني يظهر ويشع ويبشّر البشر بغد أفضل، تصرخ دوافع الحفاظ على الحياة: أين حقي؟ تأمّل الرقميّ، لقد أضحى زينة الحياة وزخرفها، في الحياة العامّة والخاصّة، في الإدارة والأعمال والإنتاج والصحة والعلاج، وفي التعليم والتأهيل والابتكار والإبداع والتسلية والترفيه. انظر الذكاء الاصطناعي، لقد صار عقلاً مضافاً إلى الدماغ؛ بل بفضله استطاع الإنسان أن يكتشف قطرة من بحر أسرار ساكن الجمجمة.
على الذين يتخوفون من الطفرات والقفزات العملاقة في الرقمي والذكاء الاصطناعي، أن يخافوا على التقدم العلمي والتكنولوجي، من طريقة تفكيرهم القهقرائية. 
تطوّر الآلة الذكية سيحرّر البشر من الأشغال الشاقة غير اللائقة بكرامة الإنسان. الروبوت يتكفل بالأعمال المنزلية، بالبحث عن الأحياء تحت أنقاض الزلازل. إذا تألق في الترجمة، فعلى المترجم أن يرتقي في السلّم. إذا أحسن تسيير المصنع، فعلى المهندسين أن يبتكروا إنتاجاً أفضل للمصنع.
لزوم ما يلزم: النتيجة الانتظارية: دع الخاتمة إلى ما بعد انجلاء الغبار، فالحضارة حالياً في «بوز» المدفع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"