حين يخرج علينا العلماء والباحثون بمعلومات وحقائق جديدة اكتشفوها بعد إجراء أبحاث مطولة في محاولة منهم لفهم وحل ألغاز الفراعنة وطبيعة حياتهم، وقد أشبعوا المومياوات معاينة وتدقيقاً وتحليلاً، فضلاً عن دراسات لا تنتهي للهندسة الفرعونية والأهرامات وكل الآثار المتبقية لنا والتي تثير فضول الإنسان على مر السنوات وتدفعه لطرح ألف علامة استفهام وتعجب.. تطرح على نفسك سؤالاً واحداً، ترى ماذا سيبقى من زمننا يدعو الأجيال القادمة لدراسة وتحليل الآثار التي سنتركها؟
حين تقرأ عن أحدث اكتشاف علمي لفريق بحثي دولي تقوده الباحثة بقسم الأشعة بجامعة باراسيلسوس الطبية في ألمانيا ستيفاني بانزر، يقولون فيه إن أول حالة تسمم بالرصاص في مصر القديمة، كانت تخص طفلاً توفي في سن السابعة أو التاسعة، وقد توصلت بانزر وفريقها لهذه النتيجة أثناء فحص ٢١ من مومياوات الأطفال من مصر القديمة، وذلك من خلال استخدام التصوير المقطعي المحوسب، وكان الهدف التحقيق في «مدى انتشار خطوط توقف النمو، والمعروفة أيضاً باسم خطوط هاريس»؛ حين تقرأ هذا الخبر، تسأل نفسك: هل ما يعيشه العالم اليوم يبشر بترك أسرار وألغاز في آثار قادرة على إثارة دهشة القادمين من بعدنا فيلهثون من أجل دراستها وتحليلها علهم يفهمون ما كنا فيه وما صنعنا وكيف عشنا؟
لا شك أن في العالم اليوم عباقرة ومبتكرين ومخترعين كثراً، وأن التكنولوجيا إنجاز عصري مهم غيّر في طبيعة حياتنا ومسارها، وأن الطب تطور كثيراً والعمليات الجراحية تُجرَى عن بُعد والتقنيات الجديدة وفرت على الإنسان تعباً وعناء وبات اكتشاف الأمراض أسهل وأسرع وسبل العلاج متوفرة.. لكننا لن نبهر القادمين ولن يكون هناك ألغاز يصعب فهمها، فما يتم اختراعه اليوم يستخدم في تطوير الحياة ونمشي وفقه ونكمل، ومن المؤكد أن ركائز الطب الأولى أتت من زمن الفراعنة وكذلك الهندسة وصناعات مختلفة وطورها الإنسان بمراحل عدة، لكن يبقى للفراعنة أسرار تستدعي الباحثين من كل أنحاء العالم وتثير فضولهم لمزيد من الدراسات والتحليل.
ربما تكون ابتكارات زمننا أكثر ملاءمة لطبيعة الحياة السريعة الإيقاع، ولكن المؤسف أن الطاغي هو الدافع الربحي واستغلال كل ابتكار وفكرة بهدف التجارة، لذلك تجد معظم تفكيرنا استهلاكياً، والاختراع الواحد يحمل وجهي الخير والشر، مثل التكنولوجيا التي ساهمت كثيراً في تطور الطب ويسرت علينا التنقل بحراً وبراً وجواً، وجعلت العالم قرية واحدة، لكنها في المقابل غيرت في سلوكيات الناس وفتحت الأبواب أمام انتشار الفساد بسهولة فيصل إلى بيتك بسرعة وبلا رقابة، مثل السرقة والدعارة وتجارة المخدرات والترويج للبدع الشيطانية إلكترونياً.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
