شكراً لكل هؤلاء

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

تغرقنا الطبيعة أحياناً بفائض من كرمها، فتتدفق الأمطار وتنقلب الأحوال بشكل يذهل البشر ويخيفهم، فيختبئون في منازلهم لا حول لهم ولا قوة، يصلّون ويتضرعون إلى الله، كي ينجيهم وبلدهم من الكوارث والفيضانات والسيول والصواعق وانعدام الرؤية.

في حالات الطوارئ تسرع الدول المتقدمة إلى تحذير سكانها من التجول، حرصاً على سلامتهم، وفي أيام الشتاء العادية أو خلال بعض الظواهر غير الاعتيادية، مثل تساقط الثلوج وحبّات البرد، يسرع بعض الناس للخروج وأطفالهم إلى الشوارع، مبتهجين غير عابئين بما قد يسبّبوه لأنفسهم من مخاطر؛ لكن ما حصل خلال اليومين الماضيين من تقلبات في الأحوال الجوية، لم يكن تنفع معه أي مجازفة، ولا أي ادّعاء بفرح لاستقبال المطر؛ فالأمطار كانت شديدة، وتحذيرات الجهات المعنية للناس كانت مشددة وواضحة، بالتزام البقاء في المنازل، حرصاً على السلامة.

الكل اختبؤوا إلا من اضطرّته الأوضاع إلى الخروج، والكل شعروا بالأمان، وهم يراقبون ما يحصل في الخارج من برق وصواعق وأمطار وسيول.. ليس لأنه يحتمي تحت سقف منزل وخلف جدران بيته ووسط أهله وأسرته فقط، بل لأنه يعلم جيداً أن هناك من يقف في الشارع ويجول الطرقات، ليضمن له هذه السلامة وهذا الأمان. وهناك من يتأهّب وفي حالة طوارئ في مكان عمله، لتلبية كل نداء وإنقاذ وإسعاف كل من يحتاج للمساعدة.

الدراسة تمت عن بعد، الموظفون باشروا أعمالهم عن بعد أيضاً، بينما هناك من يفرض عليه الواجب العمل من قلب الميدان والوجود حيث الخطر ومواجهة ما تسببه التقلبات الجوية من أضرار والسهر على راحة وسلامة وإنقاذ كل الناس. شكراً لمن وقف في الشارع في مواجهة الأمطار والرياح والفيضانات؛ شكراً لكل من تحمل المسؤولية وأدّى واجبه على أكمل وجه؛ شكراً للجهات المسؤولة التي تجسد في كل مرة ومع كل أزمة أو حالة طارئة استثنائية المعنى الحقيقي للسهر على راحة الناس؛ شكراً لكل مسؤول وموظف وعامل أسهم في توفير هذا الأمان كل من موقعه: الشرطة، والدفاع المدني، والداخلية، والبلديات والمطارات والكهرباء والمياه والطوارئ والمستشفيات.

لا أحد يمكنه منع الأمطار أو التقليل من غزارتها، ولا أحد يمكنه تغيير مسار الرياح أو التحكم في سرعتها، ولا أحد يمكنه حجب التقلبات الجوية، لكن في مثل هذه المحن تظهر معادن الدول ورجالها، في مثل هذه الأوقات الصعبة تكشف الدول بمؤسساتها عن مدى قدرتها على التعامل بوعي مع الموقف، والخروج بأقل قدر من الأضرار وأكبر قدر من الفوائد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxjttbm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"