العيد فرحة.. أحياناً مستترة

01:12 صباحا
قراءة دقيقتين

كل عيد يحمل معه الفرح للناس، يدخل البيوت كلها كي يحدث تغييراً في المشاعر، يشعل حنيناً إلى الماضي، ويجلب معه دائماً إحياء لذكرى من رحلوا ولذكريات الأعياد زمان، وربما الحنين للأسرة. وفي كل مرة يحمل معه إحساساً بالتجديد قد يأتي من لفتة بسيطة، من ثوب، من لمّة، من لقاء أحبة، من مواعيد ومعايدات.. كل البيوت يزورها العيد، لكن الفرح قد يقف عند الباب ولا يدخل خجلاً من حزن أكبر، احتراماً لظروف صعبة، لكنه لا يقف يائساً أبداً، بل يطرق الباب وينتظر، يلوّح بالأمل، يشعل أنواراً، يرسم ابتسامة، يضمد جراحاً. كل المدن المحاصرة بالحرب والحزن، يعرف العيد كيف يحاصر حصارها كي يطوق أهلها بهالة الأمل والتفاؤل، ينثر الفرح من فوق، يضيء كل البيوت والقلوب، يعرف كيف يخترق كل الحواجز ليتسلل فيتسلح به الناس ويحتفلوا قدر المستطاع وعلى طريقتهم. لا بأس إن لم يستقبلوه بالثوب الجديد والحلّة البهية، فهو الآتي إليهم والأعلم بظروفهم، يدرك جيداً أن مجرد وجوده بينهم وإحساسهم بحضوره هو البهجة وهو المراد. من خيم المشردين، ومن المدن المدمرة، وتلك المحاصرة والمنازل المهجورة، ومن العائلات الخارجة من تحت الأنقاض، ومن الهاربين من الحروب والنزاعات، من المتألمين من كل ظلم وقهر وفقر وجوع.. من هناك ترى للعيد معنى آخر، ويخيل إليك أنه لا يمر ليلقي التحية، ولا يدخل ولا يشعر بوجوده أحد، لكن الواقع يقول شيئاً آخر، يخبرك أن للبشر في تلك الدول قدرة على التقاط كل شعاع خفي ترسله المناسبات المباركة والأعياد المجيدة، يشعرون به، يصل إلى قلوبهم بلا استئذان، ولا يقوى على منعه أو التصدي له أي عدو.

العيد فرحة قد تكون مستترة أحياناً، لا نراها على وجوه البائسين والمحزونين والمقهورين، لكنها القوة التي يتمسكون بها فنتعلم منهم معنى البقاء والتقاط إشارات الفرح وكيفية بث الأمل ونشره في كل مكان. العيد أمل، تضحية، انتصار، التزام، نور. هو الأمس بكل صوره وجماله والحنين والحنان، وهو اليوم بكل ما فيه من سعي وعناد وتحديات، وهو الطاقة للعبور إلى المستقبل.

كل عام وأنتم بخير، وكل عام والعيد حصن منيع في وجه كل عدو وكل كاره للفرح وللحياة وللأمل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7jcnn9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"