«لا» ليست تجاوزاً

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

البعض يدير حياته الاجتماعية بطريقة خاطئة، بل هناك من هاجسه تقوية علاقاته، وتجد أن أولى مهامه أن يكون حاضراً في كل لقاء يضم الصحب والأصدقاء، ويعتبر أن تفويت أي جمعة وطلعة معهم، بمثابة كارثة، قد تسبب له العزلة وأن يكون وحيداً.
هناك من لديه هاجس وتفكير متواصل بأنه كلما تمكن من الالتقاء بالناس وتكوين صداقات جديدة، فإنه يكون ناجحاً، وهذه شهادة له أنه يسير على الطريق الصحيح الأمثل. وفق هذا التفكير، وهذه الآلية المعيشية، فإن هناك تنازلاً يُقدم دون شعور أو يُعطى بهدوء ودون أي حسابات أو تقدير للتبعات التي ستقع. 
على سبيل المثال، تجد لديه هاجساً بالقبول وعدم الرفض، بمعنى أنه يلغي من قاموسه «لا»، لأنه يعتقد أن اعتذاره أو رفضه، يجعل الصحب أو الأصدقاء بعيدين عنه، أو يؤدي إلى خلق فجوة معهم، بل يضع في عقله الباطن أن الاعتذار أو الرفض، لأي موضوع يطلب منه، يعني أنه أقل شأناً في المجموعة، وبالتالي يسهل التخلص منه أو نسيانه عند التخطيط للرحلات أو لأي نشاط يقوم به الأصدقاء، فهو ثانوي ولا أحد يهتم به. 
وغني عن القول إن هذا التفكير خاطئ تماماً، بل إن تبعاته على من يمارس هذا السلوك جسيمة، وفي نهاية المطاف هو لا يقوي علاقاته، ولا يجعل الصحب والأصدقاء يحبونه أو يتمنون جلسته وتواجده الدائم. 
تعبيرنا عن الرأي، خاصة عندما نختلف مع الآخرين، أمر صحي، ويعني أن لك شخصية ورؤية وهدفاً، وأيضاً يعني أنك مستقل بقرارك ووجهات نظرك، أما التنازل المستمر وغير المبرر فإنه يؤدي إلى أن يفهم الطرف الآخر أنك ضعيف الشخصية، أو تحتاج للتوجيه والإرشاد، بل كأنك توجه رسالة بأنه لا يوجد لديك رأي أو معرفة أو علم، وهذه النظرة أنت من صنعها بسلبيتك، وعدم توضيح رأيك، وعدم التعبير عن وجهات نظرك. 
لذا، من المهم أن ندرك أن التعبير عن وجهات نظرنا المختلفة مع الصحب والأصدقاء والزملاء وحتى المقربين منا، لا يعتبر تجاوزاً أو عدم تهذيب، فالاختلاف واقع حياتي، ويجب أن يتم ويعبر عنه بهدوء ومنطقية وبأخلاق عالية.
تقول الكاتبة والمدونة الأمريكية لوري ديشين: «يمكنك أن تكون شخصاً صالحاً ولطيف القلب ولا تزال تقول لا». عندما لا يعجبك أمر ما، تحدث عن وجهة نظرك، وقل بكل وضوح وصراحة «لا». لا توافق على موضوع أو مهمة أو مقترح، دون أن تكون متأكداً من أنها تتفق مع رغباتك وما تريده.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"