عادي
«في جنة الخلد».. مرثية فارس الكلمة في الشيخ خليفة

محمد بن راشد: محمد بن زايد نعمْ الخَلَفْ للسَلَفْ

04:47 صباحا
قراءة 4 دقائق
محمد بن راشد

الشارقة: «الخليج»

حين يكون الخطب كبيراً، والمصاب بحجم فقد قائد كبير كالمغفور له الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله، فليس أمام المرء إلا أن يتوقف عند هذه القامة التي رسّخت عهد التمكين الإماراتي في أبهى مراحله وتجلياته، وليس مثل فارس الكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، من يمكن أن يرثيه بقصيدة، وهو الذي عاش تفاصيل هذه المرحلة بكافة تجلياتها، فصارت الإمارات رقماً صعباً ومتقدماً في كافة مؤشرات القوة والتمكين الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياحي، حيث نشر سموه، قصيدة نعي لهذه القامة الكبيرة بعنوان «في جنة الخلد» والقصيدة بما فيها من عبارات مؤثرة، وشعرية عميقة وصادقة، تسلط الضوء على مكانة هذه الشخصية الفذة، التي وإن غادرتنا جسداً، فاسمها ولا شك في ذلك، سيظل ساطعاً في سماء الإمارات والعالم، بما خلّده من مآثر وإنجازات على كافة الصعد، حيث شهدت الإمارات في عهده، مرحلة التمكين بكل قوتها وبهائها، وهي المرحلة التي استكملت مراحل التأسيس الفذة التي سطرها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

القصيدة من جهة أخرى، تضمنت مبايعة من سموه، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لرئاسة الدولة.

في البيت الأول من قصيدة سموه «في جنة الخلد» ثمة استهلال مؤثر ينعى من خلاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد فيقول:

أنعي إلى الشَّعبْ منْ بإسمهْ يعيشْ الشَّعبْ

وأنعي إلى الكونْ عضدي ريِّسْ الدولِهْ.وفي هذا البيت ثمة إشارات بليغة ولافتة، فالمغفور له هو فقيد الأمة والشعب، وهو أيضاً فقيد الكون في إشارة بليغة أخرى إلى المكانة التي كان يجسدها المغفور له، في العالم، فهو كان قائداً استثنائياً بلغت الإمارات في عهده أوج سطوعها العالمي، وهذه الإشارة مهمة في تسليط الضوء على مكانة فقيد الأمة، القائد الكبير في شخص المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله. ومن جهة أخرى، فإن الشخصية المرثية ذات المقام الكبير كانت قريبة جداً من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فهو العضيد والأخ ورئيس الدولة الذي شهد مراحل كثيرة في عهده، تجاوزت الإمارات من خلالها الكثير من الصعاب، وبلغت مراحل التحديث والعصرنة التي شهدتها الدولة في كافة الميادين والمجالات.

في البيتين الثاني والثالث من القصيدة، يعيش القارئ وهو في ذروة حزنه على هذه الشخصية الكبيرة في وجدان الشعب الإماراتي، وفي العالم أيضاً، ما عبر عنه سموه في كلمات موجزة، حيث قال:

خليفهْ اللِّي مثِلْ مايْ السَّحابْ العَذبْ

وريثْ عرشْ العلا يمناهْ مبذولِهْ

في جنَّةْ الخلدْ لا في الشرقْ لا في الغَربْ

مشبهٍ لكْ معْ إصعودِهْ ومعْ إنزولِهْ

فقد شبّه سموه، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد بماء السحاب، ومعروف لدى القارئ العربي ما يعنيه هذا التشبيه البليغ الذي من تأويلاته التي يتفق عليها الشعراء وفقهاء اللغة العربية، أنه يعني المطر الدائم الذي يجود بغزارة من فيض ما يسقي به العطشى والمحتاجين إلى الماء، نعم، فالراحل الكبير كان في مصاف القادة الكبار، ممن اتصفوا بالكرم وصفاء السريرة والنقاء، وهذه لا شك من صفات تلك الأرومة التي ترسخت في أجمل معانيها، في عهد مؤسس الإمارات والده المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

ولا شك في أن سموه يتمنّى جنات الخلد، للشيخ خليفة بن زايد، هذا التعبير في مقام من عرفت عنه السماحة والحب والخلق الكريم، في إشارة إلى الراحل الكبير والصفات التي حباه الله بها، في من اصطفاهم من الخلق.

حملتْ عنَّا العنا ويا ما حمَلتْ الصَّعبْ

واليومْ نفسِكْ إلى الجَنَّاتْ محمولِهْ

ياربْ شعبِهْ رضا عنِّهْ فكنْ يارَبْ

راضي عليهْ وبرحمَهْ منكْ مبذولِهْ

في ما سبق، يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المغفور له الشيخ خليفة، فيلمح إلى عهده، والجهد الكبير الذي بذله في سبيل ترسيخ مكانة الإمارات وتمكينها حتى ارتقت إلى مصاف الدول العظمى في العالم، واليوم وقد اصطفاه الله إلى جانبه في السماوات العلى، وإلى جنان الخلد، فليس لنا إلا التسليم بأمره سبحانه وتعالى.

وقد سبق أن أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى هذا في معرض نعيه للقائد الكبير، حين قال: «اللهم إنا نشهدك أن خليفة بن زايد قد أدى أمانته.. وخدم رعيته.. وأحب شعبه.. اللهم إن شعبه قد رضي عنه، فارضَ عنه، وتغمده بواسع رحمتك وأسكنه فسيح جناتك، وألهمنا وألهم شعبه وأهله وأحبابه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون».

وفي هذا، لا يسع المقام، سوى طلب المغفرة كما يشير سموه:

إجعلْ خليفهْ بجنَّاتْ النِّعيمْ وصِبْ

عليهْ منْ مَغفِرَهْ بالعفوْ مشمولِهْ

مسيرة مظفرة

ويوجه سموه في القصيدة، كلاماً مباشراً يعزي من خلاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. كما يتمنى له جميل الصبر والسلوان، وأن يمهد الله له طريقاً سالكة، وينور دربه في رحلة قيادة جديدة ومسيرة مظفرة بإذن الله في استلام الراية من بعد رحيل فقيد الأمة، المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد.

يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد:

وصبِّرْ محمدْ ونوِّرْ لهْ يارَبْ الدَّربْ

نعمْ الخَلَفْ للسَلَفْ ريِّسْ علىَ الدُّولِهْ

وفي البيت الأخير من القصيدة، ها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يبايع أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، حفظه الله.

وفي هذه المبايعة ستواصل الإمارات رحلة نهوضها الثقافي والاقتصادي والحضاري، في عهد جديد مبشر بالكثير كما يقول سموه:

لي لهْ نبايعْ علىَ الطَّاعَهْ بصدقْ وحبْ

وطاعَةْ وليْ الأمرْ بالحَقْ مكفولِهْ.

3
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"