عجائب تناقضات المتشدّدين

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ذكر القلم أمس شيئاً عن أعجب ما في تناقضات المتشددين؟ التزمّت تطرّف ذهني، وكل تطرّف إشكاليّة في الصورة ومنطق الاستدلال. مفارقة في المشهد لأن صورة التطرف إيثار الطرف على الوسط، أي رفض التوازن والتعادل والوسطيّة والإصرار على تغليب كفّة على أخرى. في الحجة والبرهان، كيف يتكلم المتطرف باسم الإسلام، وهذا الدين جعل أمّته أمّة وسطاً؟
 الآن ندخل عالم عجائب النقائض والمتضادات. صحيح أن غزل النساء في الرجال قليل، فما أندر العثور على شاعرات، في كل اللغات خصوصاً في العصور الكلاسيكية، يكتبن أو يقلن نسيباً وتشبيباً بالجنس الذي يوصم بأنه غير لطيف. قديماً نرى صوراً أخرى. كان امرؤ القيس قد لعب الكرة الطائرة بلحم ناقته التي عقرها للفتيات: «فظل العذارى يرتمين بلحمها.. وشحمٍ كهدّاب الدمقس المفتّلِ»، يا سلام، شحمها كضفائر الحرير. 
وكان عمر بن أبي ربيعة تواعده واحدة من بين أُخر، فتوصي خادمتها وهي ترسلها إليه: «إن جاء فليأت على بغلةٍ.. إني أخاف المُهر أن يصهلا». البغلة لا صوت لها، لأن الشحيج تردداته غير مسموعة، مثل حرية التعبير المقموعة، مع حفظ الألقاب لأيّ مجموعة. لكن ابن أبي ربيعة كانت له باقات علاقات حتى مع ثلاث شقيقات أحياناً: «قالت الصغرى وقد تيّمتها.. قد عرفناه وهل يخفى القمرْ؟». بتعبيرنا اليوم: «جروب بلا واتساب وأنستجرام». أمّا ولاّدة بنت المستكفي، فجرأتها في غزلها بابن زيدون، وحتى هجوها له، يناطحان أجرأ الغزل والهجاء.
الاستطراد هو المقصود، لأنه يقطع باستحالة الطريق ذات الاتجاه الواحد. معنى ذلك في مجال الإعلام التلفزيوني أن إقصاء طلعة العنصر النسائي، لا يعني إلغاء مشاعر المرأة، بالتالي فإن النظرة الاستهلاكية إليها، ستؤدي عملياً إلى أن تغدو الوجوه الرجالية في الشاشة محط أنظار الجنس اللطيف. أم أن هذه النظرة التي تختزل وجود المرأة وشخصيتها ومكانتها ودورها، في سلعة، تشكل برهاناً على أن الرجل لا يمثل كفة مساوية للمرأة في ميزان الإحساس بالجمال، وما يفضي إليه من عواطف لعبت أدواراً فعالة في إبداع الفنون والثقافات والعلوم والمعارف في كل الحضارات؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة المأزقية: لكيلا يرى الرجال النساء، ولا النساء الرجال في التلفزيون والمجتمع، على الأفغان فرض النقاب والخمار والبرقع على الجنسين. الأفضل، حظر التجول ليل نهار، باسم الدين طبعاً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"