استمرار التحدي

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

من جديد ترفع دولة الإمارات صوتها بإدانة الممارسات الإسرائيلية ومواصلة المستوطنين انتهاك حرمة المسجد الأقصى، مؤكدة ضرورة توفير الحماية الكاملة للأقصى، ووقف الانتهاكات الخطرة والاستفزازية فيه، وضرورة احترام دور المملكة الأردنية في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي، والوضع التاريخي القائم على عدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة الأوقاف وشؤون المسجد الأقصى.
للأسف، لم تأبه إسرائيل بكل الدعوات والنداءات التي صدرت عن الأمم المتحدة والعديد من الدول بوقف استفزازاتها في مدينة القدس وانتهاكاتها المتواصلة للمسجد الأقصى، وعدم المحافظة على الوضع الراهن في المدينة المقدسة. ضربت إسرائيل عرض الحائط بكل ذلك، وقررت تحدي العالم مجدداً بالتحريض على إطلاق مسيرات للمستوطنين لانتهاك حرمة المسجد، وهو واحد من أهم مقدسات المسلمين، باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى رسولهم الكريم. فعلتها إسرائيل أمس، وقبله، وطوال شهر رمضان المبارك في محاولة منها لفرض قانونها على المدينة وعلى مقدسات المسلمين والمسيحيين، وتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، بما يتعارض مع كل القرارات الدولية التي تؤكد عدم تغيير الوضع الجغرافي والتاريخي والديني للمدينة.
تدرك إسرائيل تماماً أن المضي في هذه الانتهاكات يعني التحدي، وإطلاق العنان لكل أشكال المواجهة مع الشعب الفلسطيني الذي يرى في هذه الاستفزازات اعتداء مباشراً على حقوقه، ومحاولة لحمله على الإذعان والاستسلام والقبول بالاحتلال كأمر واقع. لذلك هبّ الشعب الفلسطيني لحماية الأقصى باعتبار ذلك واجباً مقدّساً، وشارك الرجال والنساء والأطفال في مواجهات استخدمت فيها قوات الاحتلال والمستوطنين كل أشكال العنف والبطش والإرهاب، وظل الفلسطينيون حراساً أوفياء وحماة للمسجد كما كانوا عبر التاريخ، ودفعوا الكثير من التضحيات كي يبقى المسجد الذي أراده الله أولى القبلتين.
إن الإصرار الإسرائيلي على هذه الممارسات لن يؤدي إلا إلى المزيد من العنف؛ لأن لكل فعل رد فعل، وبالتالي فإن سلوك طريق التحدي والمضي في انتهاك المقدسات والسطو على الأرض، وتوسيع الاستيطان والتهويد، ورفض كل مبادرات السلام، وعدم الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وقطع كل سبل المفاوضات يعني الانجراف إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار الذي يؤدي حتماً إلى العنف، وربما إلى الحرب.
لعل إسرائيل تدرك قبل غيرها، أن إبقاء المنطقة في حال عدم استقرار وحروب دائمة، لن يوفر لها ولكل المنطقة الأمن والسلام والاستقرار، وسيُبقيها في حالة تأهب واستنفار واستنزاف لمقدّراتها، ويؤثر ذلك بطبيعة الحال في الأمن والسلام العالميين، وهي الآن يعيش حالة غير مسبوقة من التوتر والاحتقان والمواجهات التي تنذر بعواقب وخيمة.
إن السلام القائم على القرارات الدولية التي تدعو إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والتخلّي عن الممارسات غير الشرعية، والقبول بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، هو الحل الوحيد المتاح أمام الجميع، وهذا يفترض أن تتخلى إسرائيل عن أحلامها بالسيطرة والتوسّع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"