«هوس» المشاهير

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

للأسف بات الانجراف وراء من يسمون ب «الفاشنيستا» مبالغاً به إلى درجة كبيرة ومقلقة.
الأخطر من ذلك، أن التأثر بما يقدمونه كبير جداً أيضاً، وبات ما يقولونه أو يروّجون له على منصاتهم سواء كان بمقابل مالي، أو بدون، هو المفضل لدى جيل الشباب، بغضّ النظر عن جودته وحسنه.
من غير المعقول أن يغرق شباب هذه الأيام في «هوس» المؤثرين، بحيث تتبرمج حياتهم فيأكلون ما يأكل «قدواتهم»، ويلبسون ما يلبسون، ولا يستخدمون إلا العطور التي يفضلونها، ولا يقل مستوى أحلامهم عن مستوى المركبة التي يقودونها، فإذا لم يحصل عليها يتصور مع ما يشبهها في الطرقات.
المسألة زادت على حدها إلى درجة أن علبة «أحمر شفاه» أو عطراً، أو بنطلوناً، ينفد من الأسواق لأن واحداً أو واحدة ممن يسمّون «مشاهير» روج له، فتجد الشباب والفتيات يقفون في أرتال الانتظار، علهم يحظون بشرف اقتنائه.
قضية أولياء الأمور في متابعة أولادهم، أصبحت مهلكة ومتعبة، فأي فتى أو فتاة في سن المراهقة، يحتاج إلى جيش من المراقبين خلفه للتعرف إلى الصفحات أو الحسابات التي يدخل عليها، وعلى ماذا يتفرج عندما يكون هاتفه بحوزته، وجالساً في غرفته، خاصة أن أمر إخفاء ما كان يشاهده من «جرم» لا يحتاج إلّا رفع شاشة الهاتف.
كثير من أولياء الأمور محتارون في توعية أولادهم بالحذر من هذه المنصات، والحذر أكثر من التأثر ببعض هؤلاء «المجانين» الذين لا قيمة ولا معنى لما يفعلون غير سباق مع الزمن للشهرة، وجني المال. وبعض أولياء الأمر يرون أن كثرة التركيز والحديث عن هؤلاء، قد يزيد التفات أولادهم لهم أكثر فأكثر.
المحزن أكثر أن شركات كبرى، وعلامات كبرى، انجرّت خلف هؤلاء أيضاً، فأصبحت تروّج لمنتجاتها بوساطتهم، فتجد أحياناً شركات لها اسمها وسمعتها، تستعين بهؤلاء لعرض ما لديها.
مواقع التواصل، هي المستقبل، وللأسف لا رجعة عنها، وقادم الأيام سيقودنا إلى ابتكارات جديدة من هذه المواقع، ومن هذه الحسابات، وبعض روّاد هذه الصناعة أبدعوا في توظيفها في خدمة البشر، أو حتى خدمة العلم، أو تقديم معلومات عامة، وبعضهم أجاد استخدامها أسرياً.
لكن كل المطلوب أن يرحمنا هؤلاء «الفاشنيستا»، واتقاء الله في البشر وعدم بثّ الغثّ، لأن مسألة مراقبة الأولاد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح مستحيلة في ظل هجمة التقنيات وحسابات المواقع.
وزارة التربية والتعليم يُرجى منها دور عبر مدرسيها وكوادرها، أن تخصص شيئاً من الوقت للطلبة في المدارس لتوعيتهم تجاه الحياة بشكل عام، لأن مسألة حماية الأبناء من ضرر هؤلاء قد يساوي ما سيحصلونه من فائدة علمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"