فكرة الأوقاف التي يقدمها أصحاب الأيادي البيضاء تعد من أجمل أفعال الخير وأنبلها، التي قد يلجأ إليها محسن؛ لما لها من فعل خير مستدام، لا يتعلق بظرف أو حاجة، بل هو خير متدفق طوال أيام السنة، يمكن أن يوظف بشتى الصور ليكون نهراً متدفّقاً من العطاء.
بلورة فكرة الوقف الذي ذُكر صراحة في القرآن الكريم؛ لما له من أثر خير مضاعف، بدأت تتجلّى أخيراً وبمبالغ كبيرة، سيكون لها بالتأكيد أثر مباشر في ملايين الفقراء والمحتاجين في جميع أنحاء العالم، وسيسهم الوقف إذا ما أدارته الدول الفقيرة في التخفيف أو وأد فكرة الحاجة المستمرة لهؤلاء، وسدّ النقص الحاصل لديهم في البيوت وقضايا التعليم والصحة والغذاء؛ لأنه لا يقوم على فكرة الدعم المؤقت، بل يتعدّاها إلى الدعم المؤسسي المستمر الذي قد يخلق فرص عمل، بعد توفير الاحتياجات الأساسية.
«وقف الأم» الذي أطلقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كان من أكبر الأوقاف في الدولة، ويهدف إلى تكريم الأمهات عبر تعليم المجتمعات والأفراد الأقل حظاً وتأهيلهم، ولاقى إقبالاً واسعاً جداً سيلمس الجميع آثاره الإيجابية خلال مدة قصيرة.
ولا ننسى، والحديث عن حملة «وقف الأم»، تبرع شركة «عزيزي للتطوير العقاري» ب600 مليون درهم لإنشاء مجمع تعليمي وقفي، وتبرع مجموعة «شوبا العقارية» بإنشاء جامعة وقفية ب400 مليون درهم، وتبرع رجل الأعمال عبد الرحيم الزرعوني ب150 مليون درهم لإنشاء مجمّع طبي وقفي تذهب عائداته لدعم مشاريع مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية».
وسبق فكرة «وقف الأم» بأيام تدشين «وقف المليار وجبة» بوصفها أعلى برج وقفي في الإمارات على شارع الشيخ زايد، وبكلفة 800 مليون درهم، ضمن مشاريع المبادرة ومساعيها لإنماء أصول الوقف.
في الأمس، أيضاً، تقدم رجل أعمال سوري بوقف بقيمة 45 مليون درهم لمؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصّر في دبي، لتتولى إدارتها والإشراف عليها، وتخصيص ريعها لمصارف خدمية مجتمعية مختلفة.
فاعل الخير الذي لم يذكر اسمه في الخبر، بينما أعلنت «أوقاف دبي» أنه أوقف عقاراً في إمارة الشارقة، ليكون وقفاً دائماً تحت إدارتها يصرف ريعه على الأيتام وعموم الخير.
فاعل الخير، اختصر ما تقدم به من عمل طيب بالقول «إنّ إقامته في دبي كانت بمنزلة نقطة تحول في حياته».. كُثُر من كانت الإمارات حاضنة حياتهم ونجاحاتهم، وفعلُ الخير، وإن كان أجره عند الله سبحانه وتعالى، فإنه رد لجميل إمارات العطاء أيضاً.
