«لا».. خيرٌ من الندم

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل خمسة عشر عاماً، فإنك حين تقول هذه الكلمات تشعر وكأنك تعود بذاكرتك إلى زمن مختلف عن وقتنا هذا، وكأن من كان طفلاً في ذلك الوقت أو حديث الولادة لا يشبه أطفال اليوم، بل يشعر بأنهم أجرأ منه ويتخطون مراحل طفولته بأشواط خصوصاً في كيفية تعاملهم مع الهواتف النقالة وحصولهم على حرية إنشاء صفحات خاصة بهم على «انستغرام وتيك توك وتويتر»، ويبقى «فيسبوك» بعيداً عن مطامعهم لأنه في نظرهم «موضة قديمة» لا يتواصل من خلالها سوى الأهل!. 
تندهش إذا رأيت طفلاً لا يحمل هاتفاً نقالاً أو لا يعرف كيف يصور نفسه وأصدقاءه وينشئ حساباً على صفحات التواصل الاجتماعي لينشر صوره ومقاطع الفيديو أو «ليتفرج» على الدنيا وما فيها؛ فصندوق الدنيا لم يعد التلفزيون كما كانوا يسمونه، بل كل المواقع والصفحات الإلكترونية والمتفرجون من كل الأعمار، ما يجعل هذا الصندوق أخطر على المتفرجين من كل ما تعرضه السينما والتلفزيون، ولا حدود فيه أو له، ولا ضوابط أو معايير لما يراه الطفل في مشاهداته ولا حماية له من دخول أي غريب على الصفحة وطلب الدردشة معه أو إرسال صور غير أخلاقية وما شابه. 
ما تؤكده إدارة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة تنمية المجتمع بأن إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي «انستغرام، فيسبوك، تيك توك، وتويتر» لمن هم دون سن ال ١٣، غير قانوني معلوم، والمفروض أن يكون واضحاً لدى كل أولياء الأمور، ورغم ذلك تجد الآباء يلبون رغبات صغارهم فيرضونهم بالسماح لهم بإنشاء صفحة هنا وهناك، ويدعي هؤلاء الآباء أن الأمر كله تحت السيطرة، وأنهم يراقبون بدقة ماذا يفعل صغارهم وماذا يشاهدون ومع من يتواصلون!. 
الحقيقة أن لا رقابة فعلية على ما يراه الأطفال وما يفعلونه، فكيف يمكن لأي أب أن يستدرك الأمر ويمنع مشاهد وصفحات تدعو المتصفحين للانضمام إلى صفحات مشبوهة من خلال إعلانات لألعاب ومواقع إباحية تقفز فجأة أمام كل متصفح وتعود مجدداً مهما حاول إغلاقها؟ ومهما حاول الأهل توعية صغارهم ومنعهم من التجاوب مع مثل تلك الصفحات وعدم الرد والتواصل مع الأغراب، إلا أن الخطأ وارد ولا يحتاج إلا لكبسة زر حتى يجد الطفل نفسه أسير من يبتزه أو يتنمر عليه أو يجرفه نحو طريق يدمر براءته وحياته. 
نشر الوعي بين الأطفال ضروري والأهم منه هو نشر الوعي بين أولياء الأمور ليتمسكوا بدورهم التربوي ولا يتهاونوا في مسائل تبدو في ظاهرها بسيطة وتلبي رغبات الصغار في جعلهم «متأقلمين مع عصرهم»، لكنها في الحقيقة تعرض الأطفال لمخاطر كثيرة قد تهدد مستقبلهم، فكلمة لا اليوم خير من الندم غداً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"