عنوان للفشل بكل المقاييس

00:01 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

كلما مشى الفنان خطوة في مسيرته المهنية لا بد أن يسلك أحد الاتجاهين، فإما أن يصعد درجة ويتقدم قليلاً وأحياناً كثيراً، وإما أن تكون خطوته ناقصة فيعود إلى الخلف أو يهبط نزولاً في منحدر ربما لا يعرف الخروج منه إلا بصعوبة. وكما في كل مهنة فإن الفشل وارد والنهوض من جديد وارد، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الفنان الذي يصاب بالعمى من شدة الغرور، فلا يرى نفسه إلا ناجحاً و«نمبر وان» على طول الخط، ولديه قناعة تامة بأن الجمهور يحبه ويصفق له أياً كانت البضاعة التي يبيعها له، ومهما فعل أو قال على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي!.
من المسؤول عن إصابة فنان ما بغرور يعميه عن رؤية حقيقة مستواه وحسن تقييم ما يجب تقديمه للناس وما لا يجوز تقديمه على أي شاشة أو منصة أو صفحة؟ البعض يقول إن الجمهور هو المسؤول الأول لأنه يضع الفنان في مكانة عالية تفوق أحياناً ما يستحقه من شهرة وأعلى من مستوى الأعمال التي يقدمها، فيحسب أنه المعجزة الفنية التي لن تتكرر، إلا أن السبب الأول والأهم هو مستوى الفنان ومخزونه الثقافي والتعليمي ومدى تعمقه في فهم أصول المهنة وأهمية موهبته وأبعاد الشهرة وخطورة الرسالة والكلمة التي يحملها إلى الناس والصورة التي يظهر بها ومدى تأثيرها في المتلقي. 
محمد رمضان ممثل صار نجماً وهذا أمر طبيعي، لكن حالة الغرور التي أصيب بها سريعاً غير طبيعية، وتتسبب في انزلاقه في منحدرات تزيد من تضليله ومن خسائره. هو يعتبر نفسه الرقم واحد على طول الخط ومهما قدم أو فعل، لكن الحقيقة مختلفة تماماً، فمسلسله الأخير «المشوار» هو عنوان للفشل بكل المقاييس، قصة لا منطقية ومرفوضة من كل النواحي الأدبية والاجتماعية وحتى «الوطنية». المؤلف محمد فريد قدم طوال ال29 حلقة ماهر عاشور بطلاً نصاباً، سارقاً للآثار، خائناً لزوجته، هارباً يسرق من أجل نقل ابنه إلى مستوى معيشي أفضل، والكارثة أنه يعرّض حياة ابنه الوحيد للخطر ويضعه في مآزق كبيرة، كما ينقله من مكان إلى آخر بلا مسكن فيقيم مع أمه مرة في محطة قطارات ومرة لدى صديقتها ومرة يتركانه لصديق يتولى رعايته، وفوق كل هذا يعلمانه الكذب وإخفاء المسروقات والهروب من الشرطة.. وفجأة وبعصا الكاتب السحرية يصبح ماهر في الجزء الثاني من الحلقة الأخيرة بطلاً وطنياً اتفق مع الأجهزة الأمنية من أجل تسليم تجار الآثار، لكنه احتفظ بالملايين التي قبضها من هؤلاء اللصوص ثمناً للصفقة التي لم تتم واشترى فيلا وعاش سعيداً! 
لا قصة ولا إخراج (محمد ياسين) جيد ولا تمثيل، فمحمد رمضان ودينا الشربيني قدما أسوأ أداء بلا منازع، لكن في عيني رمضان هو ناجح بكل الأحوال، فمن يسمح لهذه النماذج السيئة والسلبية أن تكون بطلة على الشاشة؟

marlynsalloum@gmail.com

عن الكاتب:
كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩