إعادة النظر في التقييم التعليمي

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

يلتزم العالم بضمان وصول الجميع إلى التعليم كونه جزءاً حيوياً من خطط التنمية وبهدف ترجمة الالتزامات إلى أفعال من مرحلة الطفولة المبكرة إلى تعليم الشباب والكبار وإكسابهم مهارات العمل وضمان استمراريته طوال حياتهم.
ومع هذا لا تزال المؤسسات التعليمية تعتبر أعداد الحاصلين على درجات عالية نجاحاً لخططها التعليمية، وتغفل في المقابل عن أعداد من تم استبعادهم من المدارس أو فصلهم من الجامعات ونسبة الموهوبين بينهم.
ويشير هذا إلى أن أسلوب التقييم المتبع لا يضمن للجميع تعليماً عادلاً ويقضي على مستقبل الكثير ممن لا يقيّمون بمهاراتهم ومواهبهم، بل باختبارات تهمل الفروق الفردية وتعرض المزيد من الأطفال والمراهقين لخطر التسرب من المدرسة أو الانسحاب أو الفصل من الجامعة.
وتتحمل أساليب التقييم مسؤولية حرمان كثير من الأطفال والمراهقين ومن بينهم الموهوبون من التعليم وإفقاد أولياء الأمور بوصلة السبب وراء تعثر أبنائهم أكاديمياً رغم كل ما يقال عن تطوير التعليم ونبذ الطرق التقليدية فيه.
وأدى ذلك إلى «عجز في التعليم»، أي نقص بين الواقع التعليمي الذي يعيشه الأطفال وما تعهدت به المؤسسات التعليمية في أهدافها، وتقويض حق الإنسان الأساسي في التعليم وعواقبه الوخيمة على التنمية المنشودة وعلى أجيال بأكملها من الأطفال.
وكما يمكّن التعليم الأطفال من اكتساب مهارات الحياة والتعامل مع تحديات الحاضر وتحسين فرصهم في المشاركة المجتمعية والانخراط في حياة التمدن باعتباره عامل حماية قوياً للأطفال، يصبح المحرومون منه عرضة لأي شكل من أشكال الحرمان أو الانحراف.
ويهدد أسلوب تقييم الطلبة مفهوم التطور الأكاديمي في التعليم، فهو ليس فقط في المناهج وطرق التعليم، ولكن في استحداث طرق بديلة لنظام الدرجات والعلامات الصارم بعد أن أثبت عدم دقته واتساقه كمقياس للأداء الأكاديمي وكونه ليس مرادفاً للتعليم الحديث.
إن إصلاح التعليم يبدأ من إصلاح السبب وراء إبعاد الطلبة عن الهدف التعليمي الأساسي، ألا وهو الفهم والاستيعاب من أجل المعرفة، وتمكينهم من إبراز مهاراتهم وقوتهم وقدراتهم الفردية عبر السنين.
والأساس المنطقي للتعليم هو تمكين الطلاب من التركيز على المساعي الفكرية والأكاديمية، بدلاً من السعي للحصول على علامات، وأن تكون معايير النجاح ممارسة الأنشطة والمشاريع المستقلة لتعزيز جوانب التنمية الذاتية والمهارات الفردية.
وتساعد التقييمات السردية التي يوضح فيها الأساتذة كيف حقق كل طالب أهدافه الأكاديمية والاندماج في المواد التعليمية وإنتاج مشروعات على خروج الطلاب إلى الحياة والوفاء بمهام العمل الذي درسوا من أجل الوصول اليه.
وتمتلك بعض الجامعات نظاماً فريداً يمكن للطلاب من خلاله اختيار نظام تقييمهم، علاوة على نيلهم تقييماً كتابياً لمنجزهم من مدرسيهم وهذا التقييم المكتوب هو في المقام الأول لاستخدام الطالب لتحسين نفسه وصقل قدراته.
إن الأساس المنطقي وراء نظام التقييم هو تشجيع الطلاب على استخدام منجزاتهم الفعلية كدليل يعكس نقاط قوتهم، وليس لتهويل جوانب ضعفهم واستخدامها سلاحاً يحرمهم من التعليم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"