فلسطين في جولة بايدن

00:00 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. ناجي صادق شراب

زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفلسطين ولقائه الرئيس محمود عباس لأول مرة كرئيس، لن تكون مجرد زيارة بروتوكولية. فالزيارة تستمد أهميتها من أنها إقرار ضمني بأهمية القضية الفلسطينية. والأمر الآخر أن هذه الزيارة تأتي مثل زيارات الرؤساء الأمريكيين السابقين للمنطقة لتكون فلسطين إحدى محطاتها. فكانت الزيارة الأولى للرئيس بيل كلينتون ومقابلة الرئيس عرفات أولاً في غزة وحضور اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بمناسبة تعديل ميثاق المجلس الوطني والاعتراف بإسرائيل. وكان أمل هذه الزيارة آنذاك هو التوصل إلى اتفاق نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وبعدها كانت زيارة الرئيس بوش الابن واجتماعه بالرئيس محمود عباس، ثم تلتها زيارة الرئيس أوباما ثم الرئيس ترامب، وأخيراً الزيارة المرتقبة للرئيس بايدن التي يأمل الفلسطينيون أن تحقق لهم بعض المطالب، أبرزها العمل على إحياء ملف القضية الفلسطينية بعد تراجع مكانته، والعمل على الربط بين القضية الفلسطينية والتطورات التي تشهدها المنطقة.

سوف يدرك الرئيس الأمريكي خلال لقائه مع الرئيس الفلسطيني وغيره من القادة العرب أن عملية السلام تشكل لب أي محاولة لدمج إسرائيل في المنطقة، وذلك لن يتحقق من دون العمل على إنهاء الصراع في جانبه الفلسطيني وقيام الدولة الفلسطينية بإنهاء الاحتلال. وأيضاً أن هناك علاقة بين القضية واستمرار الصراعات التي تشهدها المنطقة. وإلى جانب كل ذلك هناك مطالب فلسطينية محددة قد تعيد المصداقية والثقة بالسياسة الأمريكية إذا تم تنفيذها وأبرزها  إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ورفع صفة الإرهاب عنها على اعتبار أنها من اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وتبني خيار السلام والتفاوض من خلال إجبار إسرائيل على القبول بالقرارات الدولية. والمطلب الآخر هو إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية وهو مطلب تعارضه إسرائيل بقوة لأنه يتعارض مع سيطرة إسرائيل الكاملة على المدينة. كذلك على واشنطن الضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها الأحادية في القدس والأقصى وتوسيع الاستيطان والتي قد تكون سبباً باندلاع حرب جديدة في المنطقة تتجاوز حدود المنطقة، وتعرّض مصالح كل الدول للتهديد بما فيها المصالح الأمريكية. ولا بد من التأكيد على حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأمريكية لفظاً وليس فعلاً. 

  الزيارة التي لن تستغرق إلا ساعات قليله لن تكون فقط زيارة مجاملة ودعم للسلطة والرئيس عباس والتي تشمل زيارة كنيسة المهد ومستشفى المقاصد الفلسطينية وهو أكبر مركز طبي فلسطيني في القدس كمؤشر على الموقف الأمريكي وكزيارة ترضية، وتقديم الدعم المالي انطلاقاً من حرص الإدارة الأمريكية على بقاء السلطة ودعمها والتهيؤ لمرحلة ما بعد الرئيس عباس. 

  بايدن في جولته يحمل ملفات غير فلسطين، لكن الإدارة الأمريكية تدرك أهمية بقاء العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية في حالة استقرار وعدم تصعيد، لتحقيق أهداف الزيارة كما أعلن الرئيس بايدن وهي العمل على دفع التكامل بين دول المنطقة ومن بينها إسرائيل ، وزيادة إنتاج النفط لاستكمال العقوبات المفروضة على روسيا وتقليص تأثير إمدادات النفط الروسي على أوروبا. 

 في سياق هذه الأهداف والأولويات المعلنة يبدو أن القضية الفلسطينية سوف تأخذ حيزاً في هذه الزيارة سواء خلال اللقاء مع الرئيس الفلسطيني أو مع بقية الزعماء العرب. ويبقى وهذا هو الأهم العمل على الربط بين القضية الفلسطينية وأولوية الحل وقيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، وهذا هو المطلوب فلسطينياً بالتنسيق عربياً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"