عادي
فكرة جيدة لكنها قديمة

بحبك خلطة يحبها الجمهور

00:29 صباحا
قراءة 5 دقائق
تامر حسني وحمدي الميرغني
كوميديا طريفة

مارلين سلوم
كثير من نجوم الغناء في العالم العربي رأوا في الكبير الراحل عبد الحليم حافظ النموذج والحلم، فحاولوا السير على طريقه إنما كل منهم مشى وفق رؤيته ونظرته، وبقي بالنسبة لهم الرقم الصعب والحلم البعيد؛ فليس من السهل أن يلتف حولك الجمهور العربي ويحب فيك المغني والممثل وصاحب الكاريزما وخفة الظل ويستمتع بأغانيك ويُقبل بقوة على مشاهدة أفلامك في السينما، وهي مميزات تحلى بها العندليب الأسمر الذي اتفق على حبه ملايين العرب من مختلف الأعمار والجنسيات. لذا يمكن القول اليوم إن ما حققه الفنان تامر حسني حتى الآن وما وصل إليه من نجومية أكسبته حب الملايين وصار لاسمه مكان في الغناء والسينما أيضاً والرهان عليه يكون ناجحاً إلا فيما ندر، هو الأقرب إلى «النموذج العندليبي»، وأرقام إيرادات فيلمه الجديد «بحبك» والذي عرضه في أمريكا وكندا بجانب العالم العربي طبعاً، تكاد تكون مثالية لولا سقوط تامر في مطب لا يرحمه فيه النقاد ولا يبرئه منه عشاق الصناعة السينمائية وكل محترف فيها.

«بحبِك» أو «بحبَك» لا فرق فكلاهما يصلح لمعنى الفيلم وإن كان اختيار هذه الكلمة يدل على بساطة واستسهال في بحث المؤلف والمخرج والبطل عن عنوان عميق ومعبّر عن الفيلم، وللأسف فإن الثلاثي يتجسد في واحد؛ إذ يبدو أن تامر حسني أراد المغامرة دفعة واحدة فكتب وأخرج ومثّل ليثبت أنه صاحب المواهب المتعددة، وأنه قادر على حمل كل البطيخ بيد واحدة. ليته لم يفعل، فمن يشاهد «بحبك» يجد في مشاهد متفرقة ضعفاً في أداء تامر حسني، بينما إذا عدت إلى أفلامه السابقة ومنها مثلاً «عمر وسلمى» الذي تجد في «بحبك» عدة نقاط تشابه وتكرار لبعض المواقف والعبارات و«الإفيهات»، تلاحظ الفرق بين عفوية تامر وتلقائيته أمام الكاميرا التي اشتهر بها وتعتبر من أهم أسباب نجاحه في السينما، وبين تامر المقيّد والمرتبك في لقطات معينة، وكأنه مشتت يفكر في «الكادر» وفي كل التفاصيل حتى أثناء أدائه الدور أمام الكاميرا.

جدل

يكثر الجدل حول نجاح الفيلم والإيرادات الخيالية التي حققها؛ حيث يقال إنه تجاوز ال 500 مليون جنيه دولياً، وبين من يعتبر الفيلم ناجحاً ومن يجد فيه فشلاً ذريعاً لتامر حسني، لكن من يشاهد الفيلم بلا أي تحيز وبعيداً عن الأرقام والتعليقات على وسائل التواصل، يجد نفسه أمام فيلم جميل رومانسي كوميدي فيه خلطة يحبها الجمهور وتكثر فيه المواقف المضحكة، كما تصل بك التراجيديا إلى نقطة التعاطف المطلوبة سينمائياً كي يتفاعل الجمهور مع الفيلم ويتعاطف مع أبطاله وينتظر الحل في النهاية، لكنك تبقى طوال الوقت تشعر بشيء ما ينقص هذا العمل، والشيء هذا هو لمسة ورؤية المخرج المحترف.

ومن وجهة نظرنا، فإن عيب الإخراج في «بحبك» أكبر وأقوى من أي ضعف في الكتابة، لأن فكرة الفيلم جيدة وإن لم تكن جديدة، كما هو حال غالبية الأفلام التي نشاهدها باستثناء نخبة الأفلام التي تخرج عن المألوف وتقدم قصة جديدة من ألفها إلى يائها مثل فيلم «كيرة والجن». لذا تعتبر قصة «بحبك» مقبولة مقابل الضعف في الإخراج والذي بدا ساذجاً في لقطات معينة، لا يليق بسينما هذا العصر، كما جاءت بعض المشاهد خصوصاً في الجزء الأول من الفيلم وكأنها متقطعة ومرصوصة وما زالت تحتاج إلى لمسة مخرج كي تنساب على الشاشة بشكل سلس وتلقائي يحول دون ملاحظة الجمهور لهذه النقلات بين لقطة وأخرى وبين مشهد وآخر.

تكرار

في القصة اعتمد تامر حسني على التيمة التي يحبها وتتكرر في غالبية أفلامه، علي الشاب الظريف المحبوب والمحاط بالحسناوات وصاحب معرض للسيارات، يحاول لفت نظر فتاة جميلة اسمها حبيبة وتؤديها هنا الزاهد، لمجرد أنها حسناء وتتعالى عليه بشيء من الغرور والثقة بالنفس والرقة في آن، فتتوالى المواقف الظريفة المملوءة بالتحدي بين الطرفين، كما تتكرر في أعماله مواقف الغيرة المجنونة من حبيبته عليه، وتميل «إفيهات» تامر حسني في معظم، إن لم يكن كل أعماله، على كون حبيبته أنثى رقيقة تُظهر فجأة وجه الخشونة في تصرفاتها، وهنا يطلق على حبيبة اسم «عوكشه» ويتعامل معها أحياناً وكأنها صبي. وقد أدت هنا الزاهد الدور بخفة دم وهي صاحبة الوجه الذي تحبه الكاميرا لما فيه من نعومة وبراءة في الملامح، وشكلت ثنائياً ناجحاً ومميزاً مع تامر حسني؛ وطغى حضور هنا الزاهد على وجود هدى المفتي التي أدت دور ياسمين حبيبته الأولى والتي تركته فجأة يوم الزفاف وسافرت قاطعة كل خيوط التواصل بينهما. هدى المفتي مؤدية تنقصها الروح كي يصدقها الجمهور ويتفاعل معها، لذا لم يكن من الصعب كثيراً أن يتعاطف الجمهور مع حبيبة ويرفض عودة علي إلى حبه الأول.

يستعين تامر بجملة سبق أن قالها لمي عز الدين في فيلم عمر وسلمى «دي ما تتشفش دي بس تتحس»، كما أراد أن يحافظ على نفس روح وطبيعة أعماله السابقة والتي كان يخرج منها الجمهور حافظاً لبعض «الإفيهات» الطريفة، وقد ضمّن فيلمه هذا البعض منها مثل «اللي ما يعجبهوش جسمنا ما يستاهلش قلبنا».. ربما أراد أن يضمن «الدعم الكوميدي» له فاستعان بالفنان حمدي الميرغني الذي يعتبر من أبرز نجوم الكوميديا الجدد، ومعه مدحت تيخة وعمرو صحصاح وأحمد عزمي وشهد الشاطر وعالية راشد.

التجربة ليست فاشلة

يحق لتامر حسني التباهي بإيرادات فيلمه ونجاحه في الحفاظ على حب جمهوره له، ولا تعتبر تجربته فاشلة، خصوصاً أن كثيراً ممن سبقوه إلى عالمي التأليف والإخراج ومنهم المحترفون لا يقدمون للسينما أعمالاً مشرّفة ولا حتى أعمالاً تستحق المشاهدة، باستثناء النخبة من المحترفين المعروفين، كما يشتاق الجمهور للأفلام الرومانسية الغنائية الكوميدية والتي ستبقى تحقق إيرادات عالية إلى حين. ولا شك أن تامر سيحقق النجاح الأكبر إذا اعتمد على التمثيل والغناء فقط بالتعاون مع محترفين في الكتابة والإخراج، وليقدم من خلال ورق المؤلف ورؤية المخرج أفكاره بقالب أخلاقي جميل كما فعل هنا، حيث وصل بنا إلى خلاصة واضحة من قصة صراعه بين حبيبتين وبين موقفين إنسانيين، مفادها أن «حب العمر مش لازم يكون الحب الأول» كما يشدد في كل أفلامه على المعنى الحقيقي للحب وكيف تتغير تصرفات الحبيبين بين بداية علاقتهما وجمال المراحل الأولى وما تؤول إليه العلاقة بعد مدة، حيث تبدأ المشاكل والخلافات والغيرة بسبب أو بغير سبب، وأهمية المحافظة على رابط الصداقة بين الحبيبين والزوجين كي تستمر العلاقة.
[email protected]


التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"