الطاقة الشمسية.. مصدر للجودة

00:30 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

الطاقة الشمسية في أبسط تعريفاتها، هي الضوء والحرارة المنبعثان من الشمس، ولهذه الطاقة أهمية كبيرة في الكرة الأرضية، فجميع الكائنات الحية في الكوكب تعتمد على طاقة الشمس، لكونها مصدراً أساسياً لعملية البناء الضوئي في النباتات. كما تقوم بتوفير الدفء للكائنات الحية جميعها للبقاء على قيد الحياة. ومعروف أن حرارة الشمس تقوم بتبخر الماء الموجود على سطح الأرض وتشكيل السُحُب التي توفر في النهاية مياه الأمطار العذبة. وتنتج الطاقة الشمسية عن طريق تفاعلات الاندماج الحراري النووي في أعماق الشمس، حيث إن الكمية الإجمالية للطاقة الشمسية التي تتلقاها الأرض تتجاوز ملايين الكميات المستخدمة في العالم، لكن إن تم تسخيرها بشكل مناسب، وهذا المصدر عالي الانتشار، كما أن لديه القدرة على تلبية جميع احتياجات الطاقة المستقبلية.

 ويمتلك الوطن العربي الكبير مناخات متعددة، ولذلك ورغم غياب الوحدة العربية، (للأسف)، فإن الأقطار العربية تمتلك صيغاً تكاملية- تنسيقية- فيما بينها (ولو على صعيد الحدّ الأدنى)، بالنسبة إلى الكثير من القضايا الحيوية المؤثرة في زيادة أهمية وطننا العربي على الساحة الدولية. لذا، حريّ القول: إنه وفي ضوء النزاعات والحروب، كما الاصطفافات العديدة بين أطراف النزاع، (خذ مثلاً الحرب الأوكرانية حالياً)، تتناقص الكثير من القضايا الحياتية المهمة للعديد من شعوب الدول المعنية. لذلك، من الضروري القول: إن التحديات المرتبطة بتوليد وإمدادات الطاقة في العالم، باتت تجسّد أولوية في الوقت الراهن، وبخاصة بعد الحرب المذكورة، فأي دولة لا تأخذ الطاقة الخضراء التي تعتمد على الشمس والهواء على محمل الجدّ ستكون خارج النظام العالمي الجديد للطاقة.

 نعم، الوطن العربي بمجمله غنيّ بالطاقة الشمسية، ويقول خبراء مختصون بعلم الطاقة إن كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى سطح الأرض كبيرة إلى درجة أنها تعادل سنوياً أضعاف ما يتم الحصول عليه من جميع مصادر الطاقة الموجودة على سطح الأرض.

وبحسب الخبراء المختصين، فإن الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض في ساعة واحدة، تكفي أهلها مدة سنة كاملة، لو أحسنوا استغلالها، ومن هنا يمكن القول إن الدول العربية لديها المصدر الأساسي لهذه الطاقة نظراً لطبيعة مناخها والطقس المشمس الذي تتمتع به، كما أن دولنا تتمتع أيضاً بمصادر وفيرة من طاقة الرياح التي تعد واحدة من أهم مصادر الطاقة الخضراء في العالم، فهي تمتلك مواقع جغرافية واسعة تسمح بإنشاء محطات عملاقة لتوليد الطاقة بالرياح أيضاً. نقول ذلك، في الوقت الذي تشهد فيه دول كثيرة عالمياً في كثير من السنوات صيفاً يوصف بالحارق، وسط تسجيل درجات قياسية للحرارة، فيما تثار التساؤلات حول ما إذا كان البشر سيظلون قادرين على تحمّل الطقس مستقبلاً، لا سيما وأن موجات الحرّ الأخيرة على مدى سنوات عدة، أودت بحياة كثيرين، كما أشعلت مساحات شاسعة من الغابات. ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن العلماء يرون أن مستوى الحرارة والرطوبة بات قريباً من تجاوز الحد الذي يسمح بعيش البشر. وفي أشهر مارس وإبريل ومايو، من العام الجاري، سجّلت الهند إلى جانب جيرانها، موجات حرّ أنهكت أكثر من مليار إنسان، فتم تجاوز أرقام قياسية. وفي سنة 2022، سجلت ذات الدولة أحرّ الأشهر، وبخاصة في مارس/ آذار منذ قرن من الزمن، فيما تجاوزت الحرارة في العاصمة نيودلهي 49 درجة مئوية في مايو/ أيار الماضي. أما في بريطانيا، فزادت الحرارة عن الرقم القياسي المسجّل سابقا ب 1.6درجة مئوية، متجاوزة بذلك 40 درجة مئوية، وهذا ما حصل أيضاً في دول أوروبية أخرى. من هنا تنبع أهمية استغلال الطاقة الشمسية، وبالتأكيد فإن استخدام هذه الطاقة في مشاريع على مستوى الدول، سيلعب دوراً مهما في تخفيض الخسائر الناتجة عن ارتفاع درجة الحرارة في هذه الدولة أوتلك. ليكن الشعار الجمعي العربي في المستقبل القريب: الاستفادة من الطاقة الشمسية في مشاريع مهمة ومنتجة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"