العنصرية «البنيوية»

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

العنصرية البنيوية.. جملة مركّبة تتجاوز مفهوم العنصرية الفردية التي يمارسها أفراد في بيئة اجتماعية منغلقة. وفي التعريف المعتمد يشير المصطلح إلى الاستنساخ المستمر والتاريخي وطويل الأجل للهيكل العنصري لمجتمع ما، من خلال مزيج من العنصريات الأخرى التمثيلية والأيديولوجية والخطابية والتفاعلية والعلمية.

 وتتجلى العنصرية البنيوية في الفصل العنصري والطبقات العرقية على نطاق واسع على أساس التعليم والدخل والثروة، والتشريد المتكرر للناس الملونين من الأحياء التي تمر بعمليات التحسين، والعبء الساحق من التلوث البيئي الذي يتحمله الملونون، وتؤدي العنصرية البنيوية إلى تفاوتات واسعة النطاق على مستوى المجتمع على أساس العرق.

 وتوجد العنصرية ليس فقط عندما يمارسها أفراد على نحو محدود ضد أفراد آخرين، وهي ممارسات قد يعاقب عليها القانون، لكن على نطاق أوسع عندما تستخدم الأفكار والافتراضات المتعلقة بالفئات العرقية لتبرير وإعادة إنتاج تسلسل هرمي عرقي ومجتمع منظم عنصري يحد بشكل غير عادل من الوصول إلى الموارد والحقوق والامتيازات على أساس العرق، وعادة ما تندس هذه الأفكار والافتراضات بطريقة سرية داخل بنية الدولة ومؤسساتها، وتبدأ تأثيراتها من هناك من دون أن تطالها العقوبات.

وعلى الرغم من أن اكتشاف العنصرية البنيوية عملية تكتنفها صعوبات، لأنها تتطلب فحص البيانات بمرور الوقت لتحديد كيف تحافظ مجموعة الممارسات المؤسسية والتاريخية والثقافية والشخصية على عدم المساواة العرقية على مدى فترة من الزمن، إلا أن انتشارها في الولايات المتحدة الأمريكية، على وجه الخصوص، لا يخفى. وتقدم مؤسسة الشرطة الأمريكية المثال الأكثر وضوحاً على الممارسة العنصرية المنهجية، والتمييز بين مواطني البلد الواحد. والشرطة الأمريكية متهمة بممارسة أسوأ أنواع العنف القمعي ضد الاحتجاجات المناهضة للعنصرية التي يقودها السود والملونون، بالمقارنة مع التزامها بحدود المهنة والسلمية عندما يتعلق الأمر باحتجاجات جماعات اليمين العنصري المتطرف.

وخلال الأسبوع الماضي، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، تقريراً مشتركاً خلص إلى أن العنصرية البنيوية ورهاب الأجانب «لا يزال لهما تأثير قوي وواسع النطاق في المجتمع الأمريكي»، واعتبرت المنظمتان أن الإرث الطويل للانتهاكات المرتكبة بحق السود خلال حقبة العبودية، لا يزال يتجلى في السياسات والممارسات في مجالات الاقتصاد والصحة والتعليم وإنفاذ القانون والإسكان، وغيرها.

وفي لفتة نادرة تبنّى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قراراً يهدف إلى تحقيق المساواة العرقية واصفاً «العنصرية النظامية» بأنها «مدمرة»، لكن المنظمتين اتهمتاه بالعجز عن إنشاء لجنة لدراسة تعويضات المتضررين بالتمييز «وتطوير علاجات محددة» لاستعباد الناس في الولايات المتحدة.

وخلال هذا الأسبوع، بدأت لجنة خبراء الأمم المتحدة المكلفة بالقضاء على التمييز العنصري، إجراء تقييم لمدى تقيّد الحكومة الأمريكية ب«الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري» التي وقّعتها الولايات المتحدة عام 1994.

ويقول جميل دكوار، مدير برنامج حقوق الإنسان في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، إنه وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة من التزام الولايات المتحدة بإنهاء التمييز العنصري، إلا أن العنصرية المنهجية تلحق الضرر بالمؤسسات الأمريكية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"