دور القطاعات الصناعية في خفض الكربون

21:41 مساء
قراءة 3 دقائق

إيان هارفيلد *
يواصل التغير المناخي، تصدره لقائمة التحديات العالمية باعتباره إحدى المشاكل الأكثر إلحاحاً حول العالم. ولذلك تعكف دول الشرق الأوسط على إطلاق مبادرة تلو الأخرى لتقليص الانبعاثات الكربونية والحد من كثافة الكربون.

وفي الوقت، الذي نسعى فيه لتحقيق الأهداف والغايات المنوطة بتحديات التغير المناخي، ثمة مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق قطاعات الصناعة والتصنيع نظراً لتفاقم انبعاثاتها الكربونية.

وفي المقابل، اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة، خطوات جريئة للارتقاء بقطاعها الصناعي، ووفرت له كامل سبل الدعم والتمويل لتحقيق أهدافها الوطنية المرتبطة بهذا القطاع، ومن أبرز مبادرات الدولة في هذا المضمار، الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار»، والتي تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.

ولا شك أن مساعيها الاستراتيجية لتطوير القطاع الصناعي، مرتبطة بشكل وثيق بخططها للعمل المناخي، والتي تشتمل على الالتزام بتنمية واسعة النطاق لمصادر الطاقة البديلة؛ وتعزيز كفاءة إدارة انبعاثات غازات الدفيئة، وإطلاق وتنفيذ برامج وطنية للتكيف مع التغير المناخي ووضع برامج تنويع وتنمية الاقتصاد بالتعاون مع القطاع الخاص. وتبذل حكومة الدولة ما بوسعها للوفاء بكافة هذه الالتزامات مع الامتثال للهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والعمل بكفاءة للاستجابة لكافة التغييرات المناخية المفاجئة بالسرعة القصوى.

وعلى الصعيد العالمي، يعتبر القطاع الصناعي، مسؤولاً عن نحو ثلث الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وهو ما يتجاوز حجم انبعاثات قطاعي الطاقة والنقل. وفي الوقت نفسه، تواصل معظم العمليات الصناعية إطلاق آلاف الأطنان من المواد الكيميائية المختلفة إلى البيئة، ملحقة أضراراً جسيمة على البيئة من حولنا، بما يشمل الغلاف الجوي والنظم الإيكولوجية المائية، فضلاً عن التسبب بزيادة النفايات واستنزاف الموارد الطبيعية.

لقد أثبت القطاع الصناعي عزمه على تولي دور فاعل كشريك مبتكِر لإزالة الكربون من العالم، الأمر الذي بدا جلياً في التعهدات التي تم قطعها خلال محادثات مؤتمر الأطراف 2022 (COP26). وبحسب مؤشر العمل المناخي، تُعَد التزامات القطاع التي تم الإعلان عنها في المؤتمر بتخفيضات محتملة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تبلغ 2.2 جيجا طن، أي ما يعادل انبعاثات ألمانيا واليابان والمملكة المتحدة مجتمعة، أو انبعاثات 20000 حاملة طائرات محملة بالكامل.

وفي حقيقة الأمر، فإن إيجاد حل فعّال لهذه القضية يتخطى مجرد الاستعداد لتقليص الانبعاثات، فهناك حاجة ملحة لإطلاق وتنفيذ المبادرات وخطط العمل للوقوف على مشكلة التغير المناخي عبر جهود مشتركة للحكومات والهيئات التنظيمية والأطراف المعنية والجمهور.

كخطوة أولى، ينبغي على الشركات الصناعية إبرام شراكات مع مزودي حلول إزالة الكربون لحفز وتيرة التحول نحو البنى التحتية اللامركزية في قطاع الطاقة، بالاعتماد على نماذج العمل القائمة على الاستثمار في هذا المجال. فوجود الشريك المناسب من شأنه الارتقاء بكفاءة استهلاك الطاقة وتعزيز أدائها، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وتعزيز الإنتاجية، وزيادة عمر الخدمة، كما سيضمن أيضاً أن تكون عملية توليد الطاقة في المنشأة الصناعية صديقة للبيئة.

في حين يعتبر التعهد بخفض الانبعاثات ضرورة حتمية، فإن التكاليف المتخيلة للتحول إلى الحلول المستدامة المعقدة يمكن أن تشكل عائقاً كبيراً. وفي الواقع، هذا ما يحدث في غالب الأحيان.

ومع ذلك، يمكن خفض التكاليف الأولية للاستثمار في تقنيات تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة من خلال الوفورات الكبيرة طويلة الأجل وتأثير هذه التقنيات بدعم جهود إزالة الكربون.

علينا إدراك أن التنمية الصناعية وحماية البيئة لا يتعارضان أبداً. وبالنظر لتبني دول المنطقة تقنيات واستراتيجيات تدعم الثورة الصناعية الرابعة، وتمهد الطريق لتأسيس قطاع صناعي قوي، فقد باتت الفرصة مواتية للبدء من جديد وبرؤية مختلف كلياً مدعومة بالتزامات راسخة نحو تحقيق التنمية المستدامة.

* المدير العام لشركة «إنجي سوليوشنز» في منطقة الخليج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yke6tcar

عن الكاتب

المدير العام لشركة «إنجي سوليوشنز» في منطقة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"