الصين وروسيا و«التحول التاريخي»

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ على هامش قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» التي تعقد في مدينة سمرقند الأوزبكستانية، لم يكن اجتماعاً بروتوكولياً أو مجرد لقاء عادي بين زعيمين؛ بل إنه يدخل في إطار علاقات وثيقة بين زعيمين وبلدين، يخوضان معاً معركة في مواجهة «حرب هجينة» من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية، تستخدم فيها مختلف الأسلحة الاقتصادية والمالية والسياسية والتهديدات والتحديات الأمنية، لمنعهما من المشاركة في النظام الدولي الآحادي، الذي بناه الغرب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي؛ حيث تعتقد الولايات المتحدة أنه بات في خطر، وأن هيمنتها على العالم، ومصالحها، تواجهان تحديات وجودية، الأمر الذي يجعلها مصممة على مواجهة أية محاولة لتغيير الوضع القائم من خلال حرب استباقية، كما في الحالة الأوكرانية، والعقوبات الهائلة ضد روسيا، أو محاولات محاصرة الصين عسكرياً واقتصادياً في شرق آسيا والمحيط الهادئ، إضافة إلى استخدام تايوان، أداة استفزاز في المواجهة.

إن قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» التي يشارك فيها قادة 15 دولة؛ وهي أكبر منظمة إقليمية في العالم، وتغطي مساحة جغرافية واسعة، وتوحد نحو نصف سكان العالم، هي بالنسبة للصين وروسيا، محفل إقليمي يتشكل، ومرشح للتوسع، كي يكون منتدى لتضامن اقتصادي وسياسي وأمني في مواجهة استراتيجيات تقوم على الهيمنة والاستغلال، وتهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.

وكان الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيايف أشار، قبيل القمة، إلى أن العالم يمر بفترة «تحول تاريخي»؛ حيث انتهت «فترة مملوءة بالمشاكل العصيبة على نطاق عالمي، وبدأت فترة أخرى يصعب التنبؤ بها»، في إشارة إلى التطورات العالمية الراهنة.

«التحول التاريخي» يمثل في الواقع هدفاً صينياً - روسياً، بالانتقال من العالم الآحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة الآن إلى «عالم عادل ديمقراطي متعدد الأقطاب، وعلى أساس القانون الدولي والدور المركزي للأمم المتحدة، وليس على بعض القواعد التي توصل إليها طرف ما، ويحاول فرضها على الآخرين»، كما قال الرئيس بوتين.

ولم يكن موقف الرئيس الصيني بعيدأ عن هذا الموقف؛ إذ أكد أنه «في مواجهة التغيرات الهائلة في عصرنا، وغير المسبوقة، نحن على استعداد مع زملائنا الروس، لنضرب مثلاً لقوة عالمية مسؤولة قادرة على أن تلعب دوراً رائداً في إحداث تغير سريع في العالم من أجل إعادته إلى مسار التنمية المستدامة والإيجابية»، وأشار إلى أن روسيا «قوة عظمى»، وأن بلاده تسعى إلى «بث الاستقرار والطاقة الإيجابية في عالم تسوده الفوضى».

واضح أن العلاقات الصينية الروسية تتطور بشكل سريع، بالانتقال من الشراكة الاستراتيجية إلى التحالف الاستراتيجي في مختلف الميادين، وهو أمر تفرضه عليهما الولايات المتحدة التي تعدهما «عدوين» و«خطراً على مصالحها وعلى النظام العالمي» الذي تحاول أن تظل على قمته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mu3d7snz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"