عادي

الثقوب السوداء وابتلاع الكواكب

21:52 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

شهد الفلكيون نهايات عوالم منذ آلاف السنين، ولا يزالون يشهدونها، فحتى في العصور القديمة، لاحظ مراقبو السماء النجم النادر الذي يتفجر سطوعاً على نحو مفاجئ ثم يخبو ضوؤه على مدى أشهر، أو سنوات، ويمكن تعريفها بأنها ظواهر فناء نجومٍ متفجرة، و قد تُسفر أيضاً عن تلاشي الكواكب المصاحبة لها، واليوم يستطيع الباحثون المعاصرون أن يرصدوا ثقوباً سوداء تمزق نجوماً بأكملها، كما أصبح بمقدورهم الوصول إلى أدلة على حطام عوالم صخرية مهشمة تتساقط على نجوم قزمة بيضاء، وهي جثامين شموس خامدة أشبه بالجمر.

لكن مثل هذه الأحداث يُشير فقط إلى احتضار كوكب ما، وتحدد نتائج دراسة جديدة الآن معالم الطريق نحو مزيد من عمليات الرصد المباشر لفناء الكواكب، والتنبؤ بأنواع العوالم التي يمكن أن تبتلعها نجومها، وما ينشأ عن ذلك من زيادة في قوة سطوع النجم، وربما لن يمضي وقت طويل حتى يرى الفلكيون بالفعل التوهّج المميز الذي يظهر جلياً خلال اللحظات الأخيرة للكوكب عندما يبتلعه نجمه، بل إنهم قد يجدون بعض الكواكب التي تظل باقية حتى بعد غوصها في نيران النجم.

ويقول ريكاردو يارزا، طالب الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، إن ابتلاع الكواكب شيء شائع على الأرجح، لكننا نجهل الكثير من تفاصيله. وصمم يارزا وزملاؤه نموذجاً حاسوبيّاً للكيفية التي تتفاعل بها كواكب ذات كتل متفاوتة مع الطبقات الخارجية للنجوم المحتضرة المعروفة بالعمالقة الحمر.

وتوحي النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي بأن الكواكب الكبرى، التي تعدل 10 أضعاف كتلة المشتري، على الأقل، قد تنجو عن طريق الإطاحة بالطبقات الخارجية لنجمها، ما يزيد من قوة سطوع ذلك النجم مدة تتراوح بين بضع ساعات وبضعة آلاف من السنين، ويمكن أن تتسبب العوالم الأصغر في تأثيرات ملحوظة أيضاً مثل الوميض النجمي القصير، ولكنها إذا ابتُلعت، فستعجز حتماً عن الإفلات من قبضة النجم الجائع.

ولا شك في أن احتمالات بقاء الكواكب الضخمة أعلى، لكن تحديد ما إذا كان أي عالم معين سيواجه مصيره المحتوم، أو سيصمد، يتوقف على الكيفية التي يتفاعل بها بالضبط مع العملاق الأحمر بمجرد ابتلاعه له، فبداخل الغلاف الجوي الهائج للنجم، يمكن أن تهيمن قوى الجاذبية على حركات الكوكب، دافعة إياه إلى الغوص نحو اللب النجمي، حيث يتمزق تماماً، وفي الوقت نفسه، يؤدي الاحتكاك الناشئ عن رحلة الكوكب عبر الغلاف الجوي النجمي إلى الإبطاء من غوص الكوكب فيه، وإلى ضخ طاقة في الغاز، وفي حال تمكّن كوكب ما -بواسطة الاحتكاك- من إثارة الغاز الذي يحيط به في أطراف النجم بالقدر الكافي، من الممكن أن تتمدد الطبقة الخارجية للنجم، وتنتفخ، ما يؤدي إلى إطلاق سراح الكوكب.

وسواء أكان الكوكب كبيراً، أم صغيراً، فإنه بمجرد ابتلاعه على نحوٍ لا رجعة فيه، يستطيع أن يترك وراءه آثاراً واضحة تدل على مصيره.

فعلى سبيل المثال، لاحظ الفلكيون منذ عقود، أن بعض النجوم العملاقة تدور بمعدل أسرع بكثير مما هو متوقع، ويُحتمل أن تكون الكواكب التي ابتلعتها النجوم من الأسباب وراء ذلك الدوران النجمي القوي.
(سيانتفيك أمريكان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wfn7chf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"