المنافسة والضرائب

01:07 صباحا
قراءة دقيقتين

الحديث عن المنافسة والضرائب قد لا يروق لبعضهم لأنهم يعتقدون أنه يؤثر في ميزانياتهم وأرباحهم، لكنه في الواقع مفيد جداً، بل على درجة كبيرة من الأهمية لبقاء أعمالهم في نمو وعملياتهم في توسع، وأرباحهم في ازدياد على المدى الطويل، والأهم من ذلك الارتقاء بكفاءة تنافسيتهم.
موضوعنا عن الضرائب، سواء القيمة المضافة المطبقة في الإمارات منذ سنوات وقدرها خمسة في المئة، أو ضريبة الأعمال على أرباح الشركات المقرر تطبيقها اعتباراً من النصف الثاني من العام المقبل والمقدرة بتسعة في المئة.
لكن كيف ستكون الضرائب مفيدة وهي تعني اقتطاع جزء من أرباح الأعمال أو زيادة كلفة المبيعات على المستهلكين، وذهابها إلى خزائن الحكومة، فالمفهوم العام و«العامي» للضرائب هو استفادة الحكومة على حساب المجتمعات، في حين أن الحقيقة غير ذلك.
لهذا عندما يجري الحديث عن أن الهدف من الضرائب هو تعزيز التنافسية للدولة، فإن الاستغراب يبدو أكثر وضوحاً، حيث يخرج إلى السطح سؤال: كيف تفرض على قطاعات الأعمال والمستهلكين أعباء مالية وتقول لهم إنها تجعل تنافسيتكم أكبر.
لماذا؟ لأن الهدف من الضريبة بشكل عام هو توفير موارد للموازنات الحكومية، وهي موارد توجه للإنفاق على أساسيات تحتاجها أي دولة وأي اقتصاد قوي، في البنية التحتية والاقتصادية والأمنية والصحية والمجتمعية، والهدف هو تطويرها والارتقاء بها إلى مستويات أعلى.
مفهوم التنافسية لا يقتصر على الأسعار فقط.. صحيح أن هذا العامل مهم، لكن الأهم منه الجودة بمفهومها الشامل.. جودة الحياة وجودة البنية الأساسية وجودة الأعمال والإنتاج وغيرها، فكلها مجتمعة تجعلك عند تحقيقها تنافس عالمياً وتتصدر المشهد لتوسيع الأعمال وجذب الاستثمارات الجديدة.
هذه الجودة لا يمكن تحقيقها بالتمني والشعارات، ولكن بالعمل والإمكانات المالية المخصصة، فمثلاً، إنشاء طريق واسع يربط مكاناً بآخر لتيسير الحياة والأعمال على مستخدميه، يحتاج إلى ملايين لا تستطيع الحكومة بمواردها الذاتية مهما يكن حجمها أن تلبيها على طول السنين، ومن ثم عليها إيجاد طرق لتوفيرها من بينها الضرائب.
والضرائب، بدا واضحاً أنها كانت حاضرة وبقوة خلال جائحة «كورونا» التي حاصرت العالم، فقد استخدمتها الحكومات لتغطية جانب من الخسائر التي تكبدتها القطاعات الاقتصادية، وتعويض الأفراد عن توقف أعمالهم، وتوفير الملايين لعلاج المتضررين صحياً.
وكي لا تكون الضرائب حملاً ثقيلاً على الشركات ومعطلاً للنمو، يجب ألا يرافقها رسوم مرتفعة من كل الاتجاهات، فتصبح وسيلة للجباية وجنى المال فقط ما ينعكس سلباً على الجميع.. وبالفعل تتنبه حكومة الإمارات لهذه المسألة وأعلنت بالفعل عن خطط لإعادة دراسة الرسوم وتخفيضها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29zybuea

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"