الشرعية الدولية والازدواجية الأمريكية

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

رغم أن مفهوميّ الشرعيّة الدوليّة والقانون الدولي واضحين في التعريف والمضامين، إلا أنهما تحولا إلى مفهومين إشكاليين، وصارا عرضة للتفسيرات المتناقضة، وفقاً لأهواء وسياسات بعض الدول، وبما يخدم مصالحها. ولعل الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر استخداماً لمصطلحي «القانون الدولي» و«الشرعية الدولية»، والأكثر انتهاكاً لهما، ومع ذلك تعطي دروساً للآخرين في الالتزام بهما، مثلهما مثل حقوق الإنسان التي حولتها الولايات المتحدة إلى هراوة ضد كل من يعارض سياساتها.

يعني مصطلح الشرعية الدولية،الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجه العلاقات الدولية من خلال منظمة الأمم المتحدة، وميثاقها والقرارات التي تصدر عنها، وأي خروج على هذه القواعد فهو انتهاك للشرعية الدولية.

والقانون الدولي هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الدول، وخصوصاً ما يتعلق بسيادتها، واحترام حدودها واستقلالها والقوانين والمعاهدات الملزمة للعلاقات بين الدول.

من هنا فإن الولايات المتحدة عندما تتحدث عن الشرعيّة الدوليّة والقانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنها تقدّم التفسير الخاص بها، وبما يخدم سياساتها، وليس التزاماً بنصوص أي منها.

لقد أثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً ضم أربع مناطق أوكرانية إلى بلاده استنكار الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. وبمعزل عن شرعية هذا القرار ومبرراته في خضم الصراع المحتدم في أوكرانيا، إلا أن اللافت مثلاً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتهم موسكو بأنها «انتهكت بشكل صارخ القانون الدولي، وداست على ميثاق الأمم المتحدة»، وكذلك كان موقف معظم الدول الغربية.

سوف نسلِّم بأن روسيا انتهكت القانون الدولي والشرعية الدولية، لكن هنا يمكن أن تقف أمامنا عشرات الشواهد الحية، عن انتهاك الولايات المتحدة، ومن دون مبرر للقانون الدولي والشرعية الدولية وسيادة الدول واستقلالها، والدوس على حقوق الإنسان.

وهنا نسأل: هل كان اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 25 مارس/آذار) 2019 بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، هو قرار شرعي ويتوافق مع القانون الدولي؟ رغم أن الشرعية الدولية الممثلة بالأمم المتحدة أصدرت عشرات القرارات التي تدين الاحتلال الإسرائيلي للمرتفعات وتعتبره غير شرعي، وهل اعتراف ترامب في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017 بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل هو قرار شرعي، برغم عشرات القرارات الدولية التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل منها والحفاظ على وضعها القانوني والديني والتاريخي؟

هنا لا تسأل الولايات المتحدة عن الشرعية الدولية والقانون الدولي، ولا عن حقوق العرب والفلسطينيين، بل تلوي عنق كل القوانين الدولية وفقاً لسياساتها.

ونسأل أكثر: هل تم غزو أفغانستان واحتلالها عام 2001، وحتى العام الماضي، أو غزو العراق واحتلاله عام 2003 وتدميره وارتكاب الفظائع على أرضه، وخصوصاً في سجن أبو غريب عام 2004، الذي شهد أبشع ممارسات التعذيب في التاريخ الحديث من صعق بالكهرباء والإيهام بالإغراق والحرمان من النوم والإذلال الجنسي.. هل تم كل ذلك وفقاً للشرعية الدولية والقانون الدولي واحترام شرعة حقوق الإنسان؟

مسكينة الشرعية الدولية.. صارت ممسحة للكبار!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/muezd8px

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"