عادي

تفاقم الغضب.. ماذا بعد انهيار خطة تراس للموازنة البريطانية؟

20:23 مساء
قراءة 4 دقائق
ليز تراس

أقالت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، الجمعة، وزير المال كواسي كوارتنج وتخلّت عن إحدى ركائز خطتها الاقتصادية اليمينية، في محاولة لإنقاذ حكومتها الجديدة، بينما تسعى شخصيات في حزبها المحافظ لإطاحتها.

وفي أول مؤتمر صحفي تعقده منذ حلّت مكان بوريس جونسون في السادس من سبتمبر/أيلول، شددت تراس على أنها تحرّكت ب«شكل حاسم» لإعادة «الاستقرار الاقتصادي»، لكن الجنيه الإسترليني واصل تراجعه في أسواق العملات ليبلغ أقل من 1,12 دولار.

وقالت تراس: «سنتجاوز هذه العاصفة»، بينما رفضت الإجابة عن أكثر من أربعة أسئلة واكتفت بالرد بإجابات مقتضبة ليصرخ أحد الصحفيين بينما كانت تستعد للمغادرة «ألا تعتذرين؟».

رفضت تراس التعليق على سؤال بشأن إن كانت ما زالت تتمتع بأي مصداقية بعدما أقالت كوارتنج من منصب وزير المال بسبب تطبيقه أجندتها.

وقالت: «أريد أن أضع اقتصاداً قائماً على الضرائب المنخفضة والأجور العالمية والنمو المرتفع.. تبقى هذه المهمة».

واستُبدل كوارتنج، الذي عاد قبل الأوان من اجتماعات دولية منعقدة في واشنطن، بوزير الخارجية السابق الوسطي، الذي كان مرشحاً لزعامة المحافظين جيريمي هانت، ليصبح رابع وزير للمال في بريطانيا هذا العام.

ومنذ تدخل بنك إنجلترا في أسواق السندات، تراجعت بعض الشيء حدة الاضطرابات المالية التي أثارتها خطة الحكومة في 23 سبتمبر/أيلول لخفض الضرائب، والممولة عبر استدانة المليارات.

لكن المصرف المركزي، كان عازماً على وضع حد لتحركه لشراء السندات الجمعة، بينما أفاد محللون بأن الطريقة الوحيدة لتجنّب حالة ذعر جديدة ستكون بتنازل كبير من قبل تراس بعد إعلان كوارتنج الكارثي المرتبط بالميزانية الشهر الماضي.

وتراجعت تراس، بالفعل فأعلنت أنها ستبقي على خطة حكومة جونسون القائمة على زيادة الضرائب على أرباح الشركات، بعدما سبق أن تراجعت عن خفض الضرائب بالنسبة لأصحاب المداخيل الأعلى.

وكان لتعهّدها خفض الضرائب دور أساسي في نجاحها في الوصول إلى زعامة الحزب المحافظ خلفاً لجونسون بدلاً من منافسها ريشي سوناك.

لكن خطتها انهارت حالياً وسط شكوك حيال مدى حكمتها، بينما ثبت أن تحذيرات سوناك كانت في مكانها؛ إذ إن زيادة الديون لتغطية خفض الضرائب لم تؤد إلا إلى إثارة ذعر في الأسواق ورفع تكاليف الاستدانة بالنسبة لملايين البريطانيين.

وتراجعت عائدات السندات الحكومية البريطانية لعشر سنوات في تعاملات فترة بعد الظهر.

تراجع في الاستطلاعات

وأشار استطلاع أجراه معهد «يوغوف» لصحيفة «ذي تايمز» إلى أن 43 في المئة من الناخبين المحافظين يطالبون بتغيير رئيسة الوزراء.

وأظهرت استطلاعات أخرى تقدماً كبيراً لحزب العمال المعارض، وهو ما يهدد بضربة موجعة للمحافظين في الانتخابات المقبلة.

وتعليقاً على التطورات الأخيرة، قال زعيم العمال كير ستارمر إن إقالة كوارتنج «لن تصلح الأضرار في داونينغ ستريت».

وأضاف: «تسبب نهج ليز تراس المتهور بتحطيم الاقتصاد؛ إذ أدى إلى ارتفاع كبير في قروض الرهن العقاري وقوّض موقع بريطانيا على الساحة الدولية».

أما المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جنتيلوني، فرأى أن الوضع الراهن في المملكة المتحدة يظهر حاجة الدول إلى التزام الحذر في كيفية تنفيذ سياساتها المالية والنقدية.

وقال في مؤتمر صحفي أعقب محادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في واشنطن: «ليس لدينا دروس نعطيها لأي جهة ولا للمملكة المتحدة. ثمة عبر ينبغي أن نستخلصها ربما، لأن ما حصل يظهر مدى هشاشة الوضع، ووجوب أن نكون حذرين في ما يتعلق بسياساتنا المالية والنقدية».

ورأى توني ترافرس من «كلية لندن للاقتصاد» أن كوارتنج «كان كبش الفداء الذي تم تحميله تبعات أخطاء الحكومة»، لكن إقالته لن تخفف الضغط عن تراس، ولن تسهم في تهدئة المحافظين.

وأضاف في تصريحات ل«فرانس برس»: «من الصعب للغاية» أن يتجاوز المحافظون الأزمة الحالية بحلول الانتخابات المقبلة.

الإطاحة بتراس

وكان من المقرر أن يبقى كوارتنج في واشنطن نهاية الأسبوع الجاري لاختتام اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية، بعدما وجّهت إليه المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا غورغييفا، انتقادات، بينما أشارت إلى وجوب وضع سياسات «متماسكة ومنسجمة».

وأصر كوارتنج من واشنطن الخميس، على أنه باق في منصبه. وقال: «لن أذهب إلى أي مكان».

لكن شبكات البث البريطانية بثّت لقطات حية لطائرة كوارتنج لدى هبوطها في مطار هيثرو قبل يوم من الموعد المقرر، بعدما عقدت تراس اجتماعات عاجلة مع مستشاريها الماليين الخميس في غيابه.

وذكرت تقارير عدة أن عدداً من كبار النواب المحافظين يخططون لإطاحة تراس واستبدالها بفريق آخر يقود البلاد ويضم سوناك وبيني موردونت، التي ترشّحت أيضاً في السباق على خلافة جونسون.

وقال الصحفي البارز في «بي بي سي» نك وات على «تويتر»: إن كبرى شخصيات الحزب قد تتحرّك الأسبوع المقبل. وكتب: «قالوا إنه لا يمكن القبول ببقاء رئيسة الوزراء بعد إقالة كواسي كوارتنج الذي كان يطبّق البرنامج الذي أكسبها زعامة المحافظين».

لفت محللون بدورهم إلى أنه حتى مع تراجعها عن بنود في خطتها أخيراً، ما زالت أجندتها تعتمد على خفض للضرائب بقيمة 25 مليار جنيه إسترليني من دون مصدر لتمويله.

وأفادت المحللة المالية داني هيوسن من AJ Bell بأنه «كان من الواضح أن أمراً سيئاً في طريقه للحدوث عندما شهدت الأسواق ارتفاعاً فرحاً بترقب الأنباء بأن تراجعاً آخر في (خطة الموازنة المصغّرة) وشيك وعززت الخطوات المرتبطة بضرائب الشركات بشكل كبير معنويات (المستثمرين) اليوم.. لكنه حل مؤقت، بينما بدأت العيوب تظهر منذ الآن». (أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9cf5rn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"