أمهات في «الواتس»

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

لو تسلل أحدنا إلى مجموعات المحادثة الخاصة بأمهات الطلاب على «واتس أب»، لعلم ما يدور في الدنيا بأسرها قبل أي شخص آخر.
هذه «الجروبات» أُنشئت طبعاً للأمهات اللواتي يدرس أبناؤهن في مدرسة واحدة، وأحياناً في فصل واحد، وطبعاً تكون بداية التعارف من خلال اللقاءات التي تنظمها المدارس لأولياء الأمور، فتبدأ الشرارة الأولى من اللقاء، وتكبر سريعاً، لتصبح «جروب» واسعاً على «الواتس أب» يضم الأمهات من شرق الدنيا وغربها، يتحدثن في الأمور التعليمية الخاصة بأولادهن، وكل ما يتصل بشؤون الدنيا.
هذه «الجروبات»، لها حسنات كثيرة، طبعاً تمكن الأمهات من متابعة التحصيل التعليمي لأبنائهن في المدارس، والواجبات المطلوبة، والأنشطة التي على الطالب القيام بها، وما يتبعها من ملابس وإكسسوارات، ومستلزمات.
بيد أن مشكلة هذه «الجروبات»، بحسب بعض الأعضاء، أنه يلفها الكثير من الكلام، والدردشة غير الضرورية، والدخول في مواضيع خارج نص المدرسة أو السؤال عن الأولاد.
ومن طرائف هذه «الجروبات» التي في الأغلب تحاول إحدى الأمهات لعب دور «الآدمن» أو مديرة «الجروب» أنها ترفض إدخال من لا تحبها من الأمهات، أو تُخرج من لم ترتح إليها، ومن أبرز مفارقات بعض هذه «الجروبات» أن بعض الأمهات تحاول الاجتهاد، والبحث عمّا يخص الطلبة ومواد الامتحان، لتكسب الأسبقية، وحدث مرة أن إحداهن وضعت في «الجروب» أسئلة متوقعة لامتحان الغد، فتبين في اليوم التالي، أن الامتحان في مادة أخرى غير تلك التي تحدثت حولها الأم.
طبعاً، لا أحد يمكنه ضبط إيقاع هذه المجموعات، وإبقاء الحديث فيها حول الطلبة والواجبات والمدرسة، فهي تتحول وبشكل دائم إلى منتديات للحديث في كل ما يحدث في الدنيا، بدءاً من الحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار السلع، إلى أصغر القضايا التي تحدث في كل حي وشارع.
هذه المجموعات فرضتها، طبعاً، طريقة التعليم المعقدة التي تنتهجها مدارس القطاع الخاص، وتلفها  بلا أدنى شك  صعوبة مبالغ فيها في متابعة تحصيل الطالب التعليمي، ورصد الواجبات والمهام المطلوبة منه، والتي يشتكي منها الجميع، ولا تجد أماً تبدي ارتياحها لطريقة متابعة الطلاب عبر هذه البرامج، خاصة وأن الكثير من المدارس الخاصة، تلقي بكرة الواجبات والمتابعة في مرمى الأهل، لأجل إشراكهم في المسؤولية في حال التقصير بالنتائج.
للأسف من يتابع الثقل الذي ترميه المدارس الخاصة في أحضان الأهالي، يتفهم جيداً لماذا تلجأ الكثير من الأسر إلى الدروس الخصوصية، فدخول هذه البرامج وحل الواجبات والمتابعة عبرها، يحتاج إلى متخصصين ومتمرسين في البرامج، وعلى مدارس القطاع الخاص أن تخفف العبء عن الأهالي، لأنه ببساطة لديهم مشاغل حياتية غير الأولاد ودراستهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jumn5zy

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"