غزو «الفاشينيستا»

00:55 صباحا
قراءة دقيقتين

لا أحد يعرف التقنية التي يصل بها من يسمّون أنفسهم «مشاهير التواصل»، أو نظيراتهم من ال«فاشينيستا» إلى هواتفنا وبيوتنا، ولكن ما إن يدلف أحدنا لمطالعة حساباته من «فيسبوك» أو «إنستغرام» أو «تيك توك» إلّا ويجدهم في وجهه دون سابق إنذار أو حتى إضافة صداقة.
هذه الظاهرة بدأت تغزو هواتفنا، وكل وسائل التواصل التي لدينا، وحتى أجهزة التلفاز، بينما لو شاء أي منّا مشاهدة فيلم أو برنامج على واحدة من القنوات المخصصة لبثّهما، فإنه يسبقهما إعلان أو فيديو لمن يسمّون «المشاهير»، لا يعرف من أين وصل إليه وكيف.
المشكلة أن أغلبية هؤلاء لا محتوى ولا هدف لديهم سوى جمع «اللايكات» والمشاهدات التي تدرّ عليهم بعض المال أو الكثير منه، وأصبح بعضهم أغنياء ومن أصحاب الملايين، بفضل هذه الوسائل التي يزيد حجم دخل أصحابها بقدر حجم انتشارهم، ووصولهم إلى الناس، بغضّ النظر عن جودة المحتوى أو هدفه.
والمشكلة الأكبر من ذلك، أن بعض هؤلاء بات ضيفاً حاضراً وبحراسات خاصة ومرافقين لدى مؤسسات وشركات كبرى، وضربت بكل ما هو إعلام حقيقي ورصين، عُرْض الحائط، ولجأت إلى هؤلاء للترويج لسلعها أو مرافقها، والسبب أن أي فيديو أو كلام يدوّنه هذا «المشهور» على حسابه سيشاهده الملايين، وهم متابعوه المفترضون.
شركات كثيرة بدأت تنتفع من هؤلاء، وأصبحت هناك مؤسسات لإدارة حسابات، وبيع أصحابها لدى شركات أخرى، عبر إقناعهم بأن الإعلان عبر هؤلاء، له مردود إيجابي كبير وسيحصد المشاهدات ويجلب «الزبائن».
للأسف، بعض هذا صحيح، فما إن يزور أحد هؤلاء «المشاهير» مكاناً ما أو فعالية، إلّا يتلمس أصحابها ولو بعض لحظات تأثير ذلك، والطامة الكبرى أن هذا «المشهور» ترافقه حراسة لإزاحة الجحافل البشرية التي ترغب في السلام عليه أو التصوير معه.
ما يحدث هنا  وللأسف  أن كثيراً ممن يكونون موجودين في هذا الحدث، قد لا يعرفون هذا «المشهور» ولم يسمعوا به، ولكن بسبب هذه الجحافل البشرية، قد ينتابهم فضول لمعرفة ما فاتهم في الدنيا، فيبحثون عنه «عبر الهواتف» فلا يجدون إلّا الرقص و«الكلام الفارغ»، ولكنه «من أصحاب الملايين».
معادلة يصعب ضبطها، والمحتوى والمستوى في كثير من وسائل التواصل من سيئ إلى أسوأ، ولا ضابط لهذا الضجيج. فكل من لديه هاتف ذكي و«باقة نت» ما عليه إلا أن يزفّنا بما تجود به قريحته من جنون، وكلام بلا طعم أو لون، وسيصلنا رغماً عنا، ولا حلّ للخلاص منهم إلّا باعتزال الهواتف، والله المستعان.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/s6rptkbt

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"