متغيرات الانتخابات النصفية

01:08 صباحا
قراءة 3 دقائق

مفتاح شعيب

لم تؤكد النتائج الأولية لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، أغلب التوقعات التي سبقت الاقتراع؛ إذ إن الجمهوريين لم يشكلوا «الموجة الحمراء العملاقة»، لكنهم سيذهبون إلى قيادة مجلس النواب، مع بعض الاختراق في اختيار حكام الولايات. أما مجلس الشيوخ فقد يستغرق حسم السيطرة عليه بعض الوقت في ظل منافسة محتدمة، يحاول من خلالها الديمقراطيون المحافظة داخله على الأغلبية.

النتائج المعلنة لا تشذ عن القاعدة شبه الثابتة، ومفادها أن الحزب، الذي يحتل البيت الأبيض، عادة ما يخسر في انتخابات التجديد النصفي، بما يمهد لصعود خصمه مجدداً في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين، وهو ما يبدو أن الجمهوريين بصدد تحقيقه، لكن بصورة أقل من المتوقع، مع اعتزام الرئيس السابق دونالد ترامب الترشح مجدداً، مستفيداً من تراجع شعبية الرئيس الحالي جو بايدن.

عوامل عدة تحكمت في هذه الانتخابات، ووضعت الديمقراطيين على شفا هزيمة منكرة، وأهمها إحباط الناخبين بسبب التضخم، وعدم وفاء إدارة بايدن بتعهداتها بخصوص الصحة والبنية التحتية. كما أن السياسة الخارجية للبيت الأبيض، من بوابة الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، لعبت دوراً في مجريات هذه الانتخابات، وسعى الجمهوريون إلى استغلالها في هذه المعركة، على الرغم من أن الدعم لا يوجد اختلاف كبير عليه بين الحزبين، لكن الخلاف قائم حول الطريقة والأسلوب. ومهما كانت النتيجة النهائية الرسمية، التي سترسو عليها حالة الكونغرس بمجلسيه، فإن هذه الانتخابات، أظهرت جملة من الرغبات والمخاوف والإحباطات، باتت تتحكم في الشارع الأمريكي منذ بدء جائحة «كورونا»، ثم اتسعت مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وانفجار أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عقود.

الأمريكيون، من أنصار الحزبين، يطمحون إلى التغيير، وتجاوز الصعوبات الكبيرة التي تراكمت عليهم في السنوات الأخيرة، لكن المشكلة أن الأوضاع تزداد تعقيداً في الداخل الأمريكي، بسبب تشابكها الواسع مع المسارات العالمية. ولأن الأزمة عامة، فإن انتصار أحد الحزبين وهزيمة الآخر، لن تحدث تغييراً كبيراً، ولن تجترح معجزة، وإنما مقتضيات اللعبة الديمقراطية تفرض ذلك، لتصعيد الزخم في الصراع المستمر على السباق إلى البيت الأبيض والكونغرس. والمعركة النصفية، التي لم تكشف بعد كل تفاصيلها، تعد تمهيداً للنزال الرئاسي عام 2024، والذي يراهن فيه الجناح المتشدد للحزب الجمهوري على تحقيق نصر ربما يعيد ترامب، الذي ما زال ينكر على بايدن فوزه الرئاسي قبل عامين.

نتائج هذه الانتخابات، ستعزز الانقسام الأمريكي الحاد بدلاً من أن تخففه، وما شهدته خطابات الحملة الانتخابية من خروج عن اللباقة، تؤكد أن السنتين المقبلتين لن تكونا مريحتين للحزبين، وخصوصاً الحزب الديمقراطي الذي يحتفظ بالبيت الأبيض، بينما ستحتدم المنافسة داخل المعسكر الجمهوري حول المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات التمهيدية الرئاسية؛ إذ يبدو أن الحزب بات يفتقد إلى «النجوم» والشخصيات الوازنة التي تتمتع بثقل كبير وثقة واسعة، على الرغم من أن ترامب ما زال يقدم نفسه على أنه القائد والقادر على تحقيق الفوز، إلا أن هناك أصواتاً جمهورية ترفضه، وتتهمه بإضعاف الحزب. والأمر نفسه ينطبق على الديمقراطيين؛ بل الولايات المتحدة بأسرها، أصبحت تشكو من نقص فادح في القيادات التي يمكن أن تقود البلاد وسط هذه المعمعة من الأزمات الداخلية، والتغيرات الدولية المتسارعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3a9shjdd

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"