الحضانة الإجبارية تحوّل تاريخي

00:04 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

أليس من الضروري طرح المشروع التربوي التعليمي الجديد في دولة الإمارات، على أوسع نطاق، أسرياً واجتماعياً عبر الإعلام؟ ما ورد أمس في «الحضانة التي ستغيّر المناهج»، لا يعدو أن يكون إشارة إلى المحاور التي يمكن أن يتناولها أهل النظر. 
الأوامر القيادية هي كالدساتير، تحتاج إلى تفسير. حين ينصّ الأمر على أن تكون المؤسسة التعليمية مسؤولة عن الطفل منذ البداية، فإن عبارة «منذ البداية» لا يستطيع المتلقي الاجتهاد في توصيف معناها ومداها، فما بالك بأن يكون في مقدوره تحديدهما. هل المعنى هو: منذ الولادة؟ عندئذ يتسع نطاق المسؤولية ليشمل أموراً يختلط فيها حابل الأسرة بنابل المؤسسة، وذلك يستدعي توضيحاً دقيقاً. من هنا، يبدو أن البداية تعني على الأرجح الحضانة، منذ الثالثة أو الرابعة.
في كل الاحتمالات، تعدّ إضافة سنتين أو ثلاث إلى مراحل التعليم، تحولاً كبيراً. إذا حدث هذا تنفيذياً، فإن المؤسسة التعليمية تدرك أهميّة أن تكون الحضانة مرحلة إجباريّة أولاً، وأن تكون لها مناهج مقرّرة على الجميع، فانعدام الإجباريّة سيحدث مستويات مختلفة عند عتبة الابتدائية. 
لا يستوي الذين تعلّموا في الحضانة، والذين لم يتعلّموا. أمّا توحيد مقرّر المناهج، من حيث عدد السنوات ومواد التعليم، فضروري تجنّباً لاختلاف المستويات. 
في الصف الأول الابتدائي، سيكون الطفل الذي تعلّم في الحضانة كأنه ينتقل إلى الثالث الابتدائي. هنا النقلة النوعية؛ لأن ذلك يعني أنه من غير اللائق أن يدرس مرّة ثانية ما قد مرّ عليه في الحضانة. لهذا يبدو منطقياً وعلميّاً، أن تؤدي مرحلة الحضانة إجبارياً إلى دفع المناهج ورفعها درجات إلى الأعلى.
لا أهميّة لأي جهد في هذا الاتجاه الجريء، إذا لم تتحقق إعادة التأهيل للمدرسين. هذه الخطوة العملاقة التي وصفت بأنها «منذ البداية»، تتطلب موادّ جديدة، بنموذج فكري جديد، وإطار فكري مختلف. لماذا؟ لأننا اليوم في عصر فيه مناهج متطورة حديثة، وثوريّة، يستطيع ابن الخامسة أن يدرس فيها الفيزياء والكيمياء والأحياء بواسطة الألعاب الحاسوبية؛ أي أن صغارنا اقتحموا آفاق المعلوماتية. من قال إن اللعب ليس أسلوباً مثالياً في التعليم: «علّمهم وهم يلعبون»، تخيّل ما الذي يقدر عليه دماغ الطفل في العاشرة، ومراهقاً.
لزوم ما يلزم: النتيجة الارتقائية: نهاية الابتدائية ستكون كأنها نهاية الإعدادية، ونهاية الإعدادية ستكون بمثابة الثانوية العامة. سنوات الجامعة ستكون الماجستير والدكتوراه!
abuzzabaed@gmail.com

عن الكاتب: