وسادة مريحة للتنمية المتعثرة

00:04 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

هل خطرت ببالك وأنت تلعب بك الكأس، أسئلة بعيدة من ثورات الانفعالات وهياج المشاعر؟ مثلاً، هل سألت نفسك كم في العالم العربي من ألوف المحللين الرياضيين في كرة القدم؟ ما أسهل أن تدعوهم الفضائيات لتتوهج أستوديوهاتها بلآلئ تجلياتهم؟ أغلب الظن أنك لم تعبر خيالك أسئلة من قبيل: ماذا لو كان للعرب آلاف المحللين في الاقتصاد والمالية والتخطيط والصناعة والزراعة والبنية التحتية والسياحة والعلوم، وهي بحار، والتقانة ثم في الفنون والعلوم ذات العلاقة بها؟ المقصود الآلاف في كل واحد من هذه الميادين.
أنت حرّ في أخذ هذه الخطَرات الخطِرات على محمل الجد التنموي، أو أن تراها مجرد أمنية بريئة، الغرض منها إعفاء عشاق المستديرة من نكد الدنيا على الحر الكروي فلا يضرب رأسه بعد نشوة المباراة في عارضة الواقع، التي تدمغه بأن أنابيب الماء نضبت وانقطعت عن الخرير، وبأنه رجع إلى البيت ونسي التزود بالشموع، للسهرة الرومانسية، فالتنمية المتعثرة تحب العمل تحت جنح الدجى، إذا ليل الفساد سجى، بمنأى عن مزعجات توماس إديسون.
ما الذي كان يحدث من مكدّرات النفوس، لو كانت الفضائيات تحتدم فيها التحليلات الاقتصادية ليل نهار؟ هل يستطيع أحد اختلاق أوهام تنموية؟ هل سيأتون بأرقام مليارية أو تريليونية من مارد المصباح السحري؟ هل سيتحدثون عن إنجازات الغول والعنقاء؟ الأفضل أن يضطلع محللو ديوان حماسة الأقدام، بمنتجات طواحين الهواء. وماذا عن محللي العلوم والتكنولوجيا؟ الصورة مختلفة فهؤلاء يستطيعون عند محاصرتهم القول إن أهل البحث العلمي لا يزالون يبحثون. لكن من العسير تبرير عدم وجود مراكز البحث وصفرية الاستثمار في العلوم. يقول المثل «لو كان لديها زيت لكان باديا على مفرقها». هنا أيضاً على المحللين الرياضيين أن يستروا العيوب.
الطريف أن تحليل أنظمة التنميات المتعثرة دقيق وسليم، فقد توصلت قراراتهم الحكيمة إلى أن أيّ تحليل خارج الرياضة، كرة القدم تحديداً، يكشف للشعوب دواهي تحت السواهي، ثم إن الناس لا ينخدعون، لأن المباريات لا تترتب عليها كوارث في حالة الهزيمة، أمّا إذا كان الموضوع هزائم اقتصادية، زراعية صناعية فإن تحليلها على الملأ يشعل النيران. ذلك يعني اعترافاً بالفساد والهدر...
لزوم ما يلزم: النتيجة الاسترخائية: التحليلات الكروية وسادة كلاميّة وثيرة للتنمية الفاشلة.
abuzzabaed@gmail.com

عن الكاتب: