تونس وفرصة الانتخابات

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

اكتملت الاستعدادات التونسية للانتخابات البرلمانية يوم السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول، آخر محطة للمسار الذي بدأه الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز 2021. ووسط حالة إحباط عامة من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والسياسية الغامضة، يوجد بصيص أمل في أن تحمل هذه الانتخابات جديداً، وأن تساعد على وضع خطة إنقاذ للبلاد من أتون الأزمات التي حاقت بها في العشرية الأخيرة.

بعض الأصوات من قوى المعارضة، التي تحاول عبثاً إفشال هذه الانتخابات، لم تعد تمتلك مشروعية، ولا يوجد لها صدى في الشارع الذي طالما راهنت عليه للعودة إلى وضع ما قبل الإجراءات الاستثنائية، وقد كانت التظاهرة الأخيرة التي نظمتها طائفة من الأحزاب المغضوب عليها شعبياً، دليلاً على الإفلاس السياسي لأنصار المنظومة السابقة، لكن ذلك لا يمكن أن يمنح شيكاً على بياض للنخبة الجديدة التي تتأهب لدخول البرلمان المقبل ومجالس الأقاليم، بالنظر إلى صعوبة الاستحقاقات المرتقبة، والقدرة على الإقناع بأن اكتمال أركان النظام السياسي القائم على دستور جديد ونظام انتخابي مختلف عن سابقه، سيكون دافعاً لإحداث التغيير العميق الذي فشلت في إنجازه أحزاب وجماعات ركبت على «الثورة»، ولم تعمل على الاستجابة للتطلعات الشعبية حتى حدث ما حدث بتدخل الرئاسة، وتجميد البرلمان السابق وحله، وفتح قضايا لا تحصى بشأن الفساد وتمويل الإرهاب والاستقواء بالقوى الخارجية.

يوم الاقتراع في السابع عشر من ديسمبر، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية عشرة لاندلاع «الثورة» على نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، سيكون موعداً مشحوناً بالدلالات، لما يحمله تاريخ ذلك اليوم من رغبة في التغيير، وتحقيق الأهداف التي تم رفعها في بداية أحداث 2010، وسقطت لاحقاً ضحية التجارة الحزبية من مختلف الأحزاب التي تولت السلطة، وفي صدارتها حركة «النهضة» الإخوانية.

ومعايير نجاح هذه الانتخابات، لن يحددها الإقبال الكبير على الاقتراع، الذي لن يكون متاحاً لأسباب عدة، ولا ألمعية النواب الذين سيتم انتخابهم؛ بل المعيار الوحيد هو ما سيقدمه البرلمان المرتقب من إضافة في المشهد السياسي، وما سيحمله أعضاؤه من اقتراحات قد تسهم في دفع مخططات التنمية وخلق الوظائف. أما أهم وظيفة للبرلمان الجديد، فستكون رسم صورة مغايرة للحياة النيابية، لعلها تجب الصورة السيئة التي تحتفظ بها ذاكرة التونسيين عن برلمانهم السابق، الذي كان مسرحاً للفوضى ولكل ما لا يمت لشرف العمل النيابي بصلة.

مثلما نجح الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد، وتم اعتماد نظام للاقتراع وقواعد للمجالس الجهوية، ستنجح انتخابات يوم السبت وستكتمل أركان المشروع الذي يسير فيه قيس سعيّد. وكل هذا النجاح يبقى شكلياً، لأنه قائم وفق قاعدة «بمن حضر»، أما النجاح الفعلي فسيكون عندما يثمر هذا المشروع إنجازات ونزاهة وإصلاحات تشمل كل القطاعات الحيوية، وأولها التعليم والصحة والثقافة، واقتصاد حيوي يواكب المستجدات ويستثمر موقع تونس الاستراتيجي بين إفريقيا والقارة الأوروبية. وإذا تحققت بعض هذه النتائج قد يتغير الواقع، وتستعيد تونس ألقها، الذي أصبح كالحلم في الوجدان، بعدما باتت بحاجة إلى نخبة صادقة نزيهة تتدارك ما ضاع من فرص طوال السنوات الماضية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5rxasr

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"