نحو الاستشراف الفني

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في أن نتزحلق من الاستشراف الثقافي إلى الاستشراف الإنتاجي الفني المسلسلاتي الرمضاني؟ لا ينبغي لعاقل أن يحسب أنه قضي الأمر الذي فيه نستفتي، بدعوى أن الحلقات فرغ القوم من تصويرها وهي الآن في خزائن القنوات يهزها الشوق إلى لحظة البث. ضعوا مثلجات في بطونكم، فأهل الإخراج شيمتهم إخراج كل حلقة من الاستوديو إلى الشاشة مباشرة. ذو العقل والفهم والحجا لا ينطلي عليه أن أكثرية ما يقدم في الشهر الفضيل أعمال منبعها العبقرية الإبداعية ونمو مسارها وراءه معاناة وإحساس بالمسؤولية وضمير مهني لا يقنع بما دون الارتقاء بالذوق العام.
ما فات الأوان إذاً، فلا حرج علينا إذا نحن بثثنا شجوننا في شؤون البث. كأن العربية استشرفت ما نكابده من البث فجعلت من معانيه الغم والحزن. المطلوب هو أن يعلم المنتجون أن المشاهدين ليسوا بغافلين عمّا تفعله الشركات، فلطالما لعب بالرؤوس السؤال: كم عدد المسلسلات العربية التي دبلجتها بلاد الدنيا إلى لغاتها؟ هل تبث المكسيك مسلسلات عربية؟ وماذا عن تركيا التي تربطنا بها مئات السنين من العهد العثماني، فهي منطقياً أقرب إلى ذوقنا وطرائق تفكيرنا؟ هل ثمة في العالم العربي من يخفى عليه «مهنّد»؟ كم عدد المسلسلات التركية التي بثتها الفضائيات العربية، قبل «حريم السلطان» وبعدها؟ وحتى لا نسهو أو ننسى: هل دبلجت اليابان والصين أعمال رسوم متحركة عربية، أم الأفضل ترك باب هذا الموضوع مغلقاً؟
حتى لا يشط بنا الاستطراد، لماذا لا يضع المنتجون نصب أعينهم إنتاج الأعمال الباقيات، التي إذا شاهدها المرء مراراً ازداد كل مرة شغفاً وكلفاً، وتطلبها فضائيات القارات بكل شوق وذوق؟ غاية هذه الأعمال ليست الإبداع، ولكونها ليست الإبداع والتجلّي بالتحلّي بالفرادة والجديد القادر على البقاء فريداً، فإن نصيبها لا محالة التردّي وخوف التحدّي. هذا يفتح نافذة على موضوع يستدعي التدقيق في التحقيق، وهو: هل تتحمل معاهد الفنون الجميلة جانباً من المسؤولية؟ بمعنى: هل هزلت مناهج الدراسة في تلك المدارس؟ لو كانت المناهج تتوافر فيها شروط التأهيل للإبداع، لكان نور الإبداع مشعّاً من محيّا فضائياتنا.
لزوم ما يلزم: النتيجة التحريضية: معاذ الله أن يكون القصد تحريض الفضائيات على رفض الإنتاج الهابط، لقطع الطريق على الهبوط، حماية للذوق العام من السقوط.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwxf54px

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"