عادي

ابيضاض الشعاب المرجانية

21:40 مساء
قراءة 3 دقائق
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سيانتفيك أمريكان)

لا تقتصر تأثيرات إصابة الشعاب المرجانية بـ«الابيضاض» على تدهور مساحات شاسعة من مستعمرات تلك الكائنات الرقيقة؛ بل تمتد إلى فقدان بعض أنواع من الأسماك لمهارات الاشتباك، ما يهدّد قدرة هذه الأنواع على البقاء، وفق دراسة نشرتها دورية «بروسيدنجز أوف ذا رويال سوسايتي بي».

وأظهرت الدراسة أن ابيضاض الشعاب يجعل من الصعب على بعض أنواع الأسماك، التي تعيش داخل مستعمرات المرجان، التعرّف إلى منافسيها. وخلص الباحثون الذين عملوا على دراسة الشعاب المرجانية في 5 مناطق، موزعة على المحيطين الهندي والهادئ، إلى أن أعداداً من سمكة الفراشة فقدت قدرتها على تحديد الأنواع المنافسة، نتيجة فقدان الشعاب المرجانية على نطاق واسع، بعد إصابتها بالابيضاض.

وأشار الباحثون إلى أن التغيير في سلوكيات سمكة الفراشة يجعلها أقل قدرة على تجنّب معارك غير ضرورية تستهلك فيها طاقتها الثمينة المحدودة، ويعتقد العلماء أن هذه التغيّـرات يمكن أن تهدد بقاء تلك الأنواع، خاصة أن ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري ينذر بفقدان مزيد من مستعمرات المرجان.

وتقول سالي كيث، كبيرة المحاضرين في قسم علوم الأحياء البحرية في جامعة «لانكستر» البريطانية، المؤلفة الرئيسية للدراسة: «من خلال قدرتها على تحديد منافسيها، يمكن لهذه الأسماك أن تتخذ قرارها بشأن مطاردة الأنواع المنافِسة، أو عدم الاشتباك معها، وذلك للحفاظ على ما لديها من طاقة محدودة ثمينة، ولتجنّب إصابتها في معركة لا طائل منها».

وتضيف كيث أن قواعد الاشتباك لدى هذا النوع من الأسماك تطورت لتتناسب مع البيئة المحيطة بمستعمرات المرجان، ولكن ذلك المحيط الحيوي طرأت عليه تغيرات كبيرة؛ إذ نتج عن الاضطرابات المتكررة مثل ابيضاض المرجان، حدوث تغيير كبير في هوية ووفرة الشعاب التي تعد المصدر الأول لغذاء سمكة الفراشة.

واستند الباحثون إلى أكثر من 3700 ملحوظة تم رصدها لنحو 38 نوعاً من أسماك الفراشة في مناطق المرجان التي تمت دراستها، وجرت مقارنة سلوكيات هذه الأسماك بالنسبة للأنواع الأخرى التي تعتمد عليها في غذائها، سواء قبل ابيضاض الشعاب المرجانية أو بعده.

وأظهرت الدراسة أنه بعد فقدان مساحات كبيرة من المرجان نتيجة ابيضاض الشعاب، كانت الإشارات بين الأنواع المختلفة من هذه الأسماك أقل شيوعاً، بينما تصاعدت قواعد التعامل إلى حد المطاردات في أكثر من 90% من الحالات، مقارنة بنسبة 27% من الحالات قبل فقدان الشعاب المرجانية.

كما وجد الباحثون أن المسافة التي تقطعها أسماك الفراشة خلال تلك المطاردات، ارتفعت بنسبة كبيرة بعد ابيضاض الشعاب المرجانية؛ إذ أصبحت تستهلك المزيد من الطاقة في مطاردة منافسيها المحتملين، أكثر مما كانت تستهلكه في السابق.

ويرى فريق الدراسة أن ابيضاض المرجان والاضطرابات البيئية، تؤثر في قدرة الأسماك على التعرّف إلى منافسيها، ما يؤدي إلى نفوق العديد من الشعاب وإجبار أنواع الأسماك على تنويع نظامها الغذائي؛ بل تغيير مناطق معيشتها وغذائها أيضاً.

وتتعرض جميع أنواع سمكة الفراشة لمزيد من الضغوط نتيجة التغيّـر الذي طرأ على البيئة المحيطة بسبب ابيضاض المرجان؛ لأنها فقدت قدرتها على تحديد منافسيها بشكل دقيق، وبالتالي فقدت قدرتها على اتخاذ قرارها بشأن الأنواع التي يتعين عليها مطاردتها، أو تجنّب الاشتباك معها، والأخرى التي يجب ألا تقلق بشأنها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2uxm63f8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"