الاختناقات المرورية

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

بدأنا العام الجديد، وبدأت المدارس تعود لاستكمال الموسم الدراسي 2022-2023، وكنت أتمنى أن أقول إنها بداية سارة وجميلة لكن الواقع ليس كذلك، نعيش اليوم نتيجة مزعجة ومرهقة بسبب سوء تخطيط كبير في توزيع الأراضي في بعض المناطق السكنية الكبيرة، حتى وصل المواطن لفكرة أن استثماره في بيت العمر إنما استثمار مهدر، لأن الرغبة الحقيقية لديه كانت عند الانتقال أن تكون هناك خصوصية نوعية، وتهيئة خدمات، ومرافق كما يجدها في المشاريع الاستثمارية فإذا به يصدم بالاختناقات المرورية صباحاً وعند الظهر، والسبب: مناطق كبيرة، مخارج ومداخل محدودة، مناطق سكنية تم توزيع أراضٍ موازية لها لبنايات سكنية، دون تقنين، الكمّ مقابل الخدمة غير صحيح، والنسبة خانقة.

اليوم نجد أن الزحف يعود ليحدث نفس المشكلة ونتساءل: كيف تم تخطيط هذه المناطق دون إدراك لحجم الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي أحدثتها؟ أين المسؤولون الذين يقبعون خلف المكاتب وقاموا بالتوزيع العشوائي، وأين التهيئة الحقيقية للمكان وسكانه؟ وتزداد الكارثة بزيادة عدد المدارس وانتقال آلاف الطلاب وأهاليهم صباحاً ومساءً في مناطق لا يسكنون فيها، حتى اختنق إلى عنق الزجاجة، هل يعقل أن تكثر الشكاوى يوماً بعد يوم في كل وسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات ولا تجد لها غير حلول مؤقتة بدل إيقاف كل هذا الكمّ من البنايات والمدارس الذي يزداد كل يوم ولا يقل، إن الموظف الذي يصل متأخراً لمقر عمله بسبب الضغط والزحمة ليس في مزاجية إنتاجية، وحين يعود لبيته لا يكون في مزاجية جيدة لعائلته، فكيف نقول إننا نحقق له البيئة المناسبة للعمل والحياة.

هل تحدثت المؤسسات المعنية مع بعضها قبل أن يقوم كل منها بعمل معزول، أدى إلى أن الحلول اليوم مكلفة أكثر مما كانت لو تم التخطيط بشكل حقيقي وصحيح؟ أين العنصر البشري وراحته فيما نراه اليوم؟ هل من الممكن أن تتخذ المؤسسات أيضاً مبدأ العمل عن بعد بجديّة أكثر؟ وأن يكون هناك وعي بمواعيد العمل وساعات الذروة؟ هل يمكن أن نرأف أيضاً بحال الطلاب الذين لربما يخرجون من بيوتهم في حافلات مدرسية قبل موعد المدرسة بساعات فقط لأن الازدحام أيضاً يأكل وقتهم؟ أطفالنا مرهقون، موظفونا مرهقون، سكان المناطق مرهقون، ولم نجد إلى اليوم حلولاً أو تحركاً فعلياً يثبت جديّة أخذ الشكاوى المتكررة.

كل ما أتمناه، أن لا تتكرر نفس هذه الأخطاء في مناطق جديدة أخرى، وإن كان ظننا أن الغالبية العظمى من السكان اليوم قد ذاق الويل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/r9mpxf55

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"