في ذكرى مارتن لوثر كنغ

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

بإمكاننا أن نقول صادقين إن الأحلام هي الطريق الذي يقود لتحقيق الطموح وتحسين الحياة للأفراد والمجتمعات وللبشرية بأجمعها. فهي تزودنا بالحافز والإلهام للانتقال من مستوى حياتي الى آخر أعلى وأرفع. وهي تعلمنا الصبر وتشد من عزيمتنا على بذل الجهد والمثابرة والتفاني من أجل تحقيق أهدافنا مهما تكن الصعوبات التي تكتنف مساعينا في هذا السبيل، ومهما تكن الخسائر والهزائم التي تواجهنا طوال الطريق. فالحلم هو المعادل اللغوي لكلمة الأمل وهو ترياق الفشل والهزيمة وتميمة النصر.

أغلب وأهم المنجزات الحضارية في العلوم والطب والتكنولوجيا وفي الثقافة والفن والسياسة وحتى في التشريعات وأساليب الحروب وأدواتها، جاءت نتيجة حلم صغير في مخيلة أحد الأشخاص أو مجموعة من الأشخاص، ثم تحولت إلى واقع على الأرض.

يحتفل الأمريكيون هذه الأيام بذكرى ميلاد داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كنغ، أشهر الشخصيات التي عبّرت عن قيمة الأحلام ودورها في التغيير والانتقال بالواقع الى آفاق جديدة أكثر رحابة وعدالة وتسامحاً.

ويذكر العالم خصوصاً محاضرته الشهيرة عند نصب إبراهام لنكولن في عام 1957، بعنوان «لدي حلم» وهي المحاضرة التي استغرقت 17 دقيقة فقط، لكنها مثلت أكبر نقلة في نضال حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وأصبحت بعد ذلك واحدة من أهم الخطب السياسية في التاريخ الأمريكي.

وبينما كانت الممارسات العنصرية تسحق ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة، من دون أن تلوح بارقة أمل للتغيير، تحدث مارتن لوثر عن حلمه ب«الحرية والمساواة ينهضان على أرض العبودية والكراهية». وقال: «لدي حلم بأنه في يوم من الأيام سيعيش أطفالي الأربعة في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم».

كان ذلك حلم رجل واحد أشرق في قلبه وسط أجواء الظلام الحالك. وكان النضال في سبيل تحقيقه صعباً ومحفوفاً بالخطر والألم والدموع. فقد ذاق مارتن لوثر مرارة الاضطهاد وعذابات السجن وتعرضت حياته وحياة عائلته لمحاولات اغتيال متعددة.

كان المتعصبون البيض يحاولون اغتيال الحلم قبل اكتماله، وإخماد الصوت المنادي بالمساواة. لقد نجحوا في نهاية الأمر في وضع نهاية لحياة المناضل العنيد عبر رصاصات مأجورة أصابت حنجرته في عام 1968. لكن الحلم الذي أطلقه استمر يشق طريقه عبر ملايين الأصوات الأخرى المؤمنة به، ليُحدث في نهاية الأمر انقلاباً كاملاً في المشهد السياسي الأمريكي والتشريعات والقوانين المرتبطة بتشكيل المؤسسات السياسية والاجتماعية.

لم تذهب القضية التي وهب لها كنغ حياته سدى. فبعد أيام قليلة على اغتياله، أجاز الكونغرس قانون الحقوق المدنية الذي يحظر التمييز أو العزل على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الجنسية الأصلية. لقد جرد هذا القانون النظام الاجتماعي والقانوني للعنصرية من رداء الشرعية، وكان الأساس لنقلة نوعية تمتعت بها أجيال السود الجديدة مثل التعليم والإسكان وحق الانتخاب وتملك المال والعقار، واعتبر كثيرون أن ذروة نجاح حلم الداعية مارتن لوثر تمثلت في فوز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية في عام 2009.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ezmbr6w

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"