أسهمت بنية الاتصالات القوية وانتشار الهواتف والأجهزة الذكية في دولة الإمارات في إحداث انتعاش قوي لتطبيقات ومنصات الدفع الرقمية في الدولة، والتي باتت توفر خيارات مرنة عديدة للمستخدمين لتسديد قيمة المشتريات أو تقسيط الدفعات Buy Now Pay Later» (BNPL)» أو دفع الفواتير أو تحويل الأموال في وقت وإلى مكان بسلاسة تامة.
وأكد مسؤولو شركات ل «الخليج» تضاعف الطلب من قبل قطاع التجزئة والتسوق في الدولة للاعتماد على هذه التطبيقات لتسريع عمليات الدفع الرقمي، والابتعاد عن استخدام النقد، وما توفره هذه التطبيقات من شفافية تامة، فيما استفادت التجارة الإلكترونية من هذه التطبيقات في توسيع قاعدة انتشارها في الدولة.
قال مسؤولو الشركات: «إن شركات التكنولوجيا المالية الناشئة حققت قفزات كبيرة في نمو أعمالها، وذلك على مستوى تلقيها تمويلات مالية كبيرة من شركات كبرى ومستثمرين جعلتها تواصل تطوير أعمالها والتوسع في الإمارات وخارجها».
وأشار هؤلاء إلى أن تطبيقات الدفع الرقمية باتت ضرورة لتلبية تطلعات المواطنين الرقميين في الإمارات، الذين باتوا أكثر وعياً بالدفع الالكتروني لتوفير الوقت والجهد عند التسوق، لاسيما مع بروز خيارات جديدة للتسوق، مثل تسوق الآن وادفع لاحقاً، وغيرها من مفاهيم الشراء الجديدة.
وبرزت خيارات «التسوق الآن والدفع لاحقاً» كحلٍّ جاذب وعالي المرونة في أعقاب الجائحة التي دفعت المستهلكين للتحول إلى الإنترنت لتلبية احتياجاتهم ومستلزماتهم المنزلية. ويتوقع أن تسجل المشتريات من خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، وفقاً لما أظهرته أحدث التقارير، ما يصل إلى 17.5 مليار دولار بحلول عام 2028 في الإمارات.
- «تابي» في الصدارة
وقال حسام عرب، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «تابي»: لقد شهدت حلول المدفوعات المرنة معدلات تبنٍ سريعة وبشكل غير مسبوق من قبل المتسوقين في دولة الإمارات، سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر، ويعود ذلك للرغبة المتزايدة من المتسوقين للخيارات المرنة، وذلك للتمكن من التحكم بحياتهم المالية.
وأضاف عرب، تعدّ شركة «مبادلة للاستثمار» مستثمراً استراتيجيّاً وشريكاً مهماً في «تابي» منذ مراحلها الأولى، فيما يستخدم ملايين المتسوقين خدمات «تابي» في المنطقة بسبب مرونة الدفع، وتحقيق السيطرة المالية للمستخدمين.
وتابع أن «تابي» تمكنت من جمع أكثر من 275 مليون دولار من المستثمرين محلياً، مشيراً إلى أن التحول المتسارع نحو خدمات المدفوعات المرنة، يؤكد مدى ازدياد طلب المستهلكين لخيارات الدفع المرنة والشفافة ذات العائد الكبير.
وأوضح عرب أن عدد المتسوقين النشطين عبر «تابي» قد تجاوز ال2.5 مليون متسوق في الإمارات والسعودية، فيما تتعاون المنصة مع آلاف العلامات التجارية.
في الإطار وقعت «تابي» مؤخراً العديد من الشراكات لتقديم حلول «تسوق الآن وادفع لاحقاً» في الإمارات، أبرزها مع «نتورك إنترناشيونال» من خلال اتفاقية تعاون تهدف إلى تمكين منصات التجارة الإلكترونية في الدولة من توفير خيار سداد قيمة المشتريات لعملائهم على 4 دفعات دون أية فوائد.
وأعلنت شركة «يو جوت أجيفت» (YOUGotaGift)، في مجال بطاقات الهدايا الرقمية عن تعاونها مع «تابي»، لتعزيز قدرة العملاء على استخدام حلول الدفع المرنة من «تابي» ولتجزئة تكاليف مشترياتهم إلى دفعات بدون فائدة. ويمكن للعملاء في الإمارات الاستفادة من خدمة اشترِ الآن وادفع لاحقاً.
وعقدت «إيروس» شراكة مع «تابي» لتلبية طلب العملاء، وتوفير سبل دفع أكثر ذكاءً وشفافية وأماناً ومناسبة لشراء الأجهزة الإلكترونية والأدوات المنزلية، بهدف تسهيل عملية الدفع على عملاء العلامة التجارية، وتقسيم الدفعات إلى أربع، ومن دون أي فوائد، وذلك من تاريخ الشراء سواء كان في المتجر أو عبر الإنترنت كما أعلن متجر «كوميكيف»، لمقتنيات الأفلام والمسلسلات الأشهر عالمياً، عن توقيع اتفاقية شركة مع «تابي» في مجال الدفع والتسوق، وتقسيط المشتريات.
- شعبية ساحقة
وأكد ريمو جيوفاني أبونداندولو، نائب رئيس القسم التجاري للمنطقة وشمال إفريقيا في «شيك أوت»: يبرز التطور المتزايد للمنظومة المحلية الخاصة بالتكنولوجيا المالية وتقنيات الدفع الرقمية، عبر النمو الكبير لمشهد التجارة الإلكترونية في المنطقة وشمال إفريقيا، والذي يبقى بطبيعة الحال متأخراً عن مستوى النمو في دول الغرب. ويظهر ذلك من خلال الإقبال المستمر على خيار «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» والتجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أضاف، في عموم المنطقة وشمال إفريقيا، قام 39% من المستهلكين باستخدام خيار «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» عام 2022، لترتفع هذه النسبة من 24% في عام 2021، وهذا يمثل نمواً نسبته 64% على أساس سنوي.
ويعتزم 28% من المستهلكين الذين لم يستخدموا خيار «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، استخدامه خلال 2023، مما يعني أن ما يصل إلى 67% من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد يستخدمون هذا الخيار في عام 2022 ولعل أكثر ما يلفت الانتباه هو الشعبية الساحقة لهذا الخيار في المنطقة، مقارنةً بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
- تضاعف الإقبال
وأوضح أبونداندولو، بالمثل، مع زيادة متوسط الوقت الذي يقضيه الأفراد يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الطبيعي أن يقوم واحد من كل 5 مستهلكين في المنطقة وشمال إفريقيا بالتسوق عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وهو ما يمثل نمواً بنسبة 43% في العامين السابقين، بما يشير إلى تضاعف الإقبال على التجارة على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية والإمارات.
وإلى جانب تفضيل استخدام تطبيقات الدفع الرقمية، هناك زيادة في استخدام تطبيقات التكنولوجيا المالية في جميع أنحاء المنطقة.
واليوم بات المزيد من الأشخاص يستخدمون هذا النوع من التطبيقات لإدارة شؤونهم المالية اليومية، ويستمتعون بالفوائد المباشرة لقطاع التكنولوجيا المالية المزدهر في المنطقة، فضلاً عن إدراكهم لأهمية اللوائح والقوانين التي يتم تطبيقها لدعمه.
ونظراً لما تتطلّبه عمليات تسوية الإنفاق، وتفويضات الدفع، من جهود مكثّفة للقوى العاملة لدى العديد من الشركات، والوقت الطويل الذي تستغرقه عمليات المحاسبة والتدقيق المالي، جاء دور مقدمي حلول الدفع الذين يمكنهم المساعدة في تحديد وتنفيذ نظام دفع مناسب للشركات، وتمكينهم من تقديم أفضل تجربة ممكنة لعملائهم.
وتؤكد الأبحاث على تفوّق التكنولوجيا المالية في الأداء على القطاعات المالية الفرعية الأخرى عبر معدل نموها الهائل، وحسب بيانات «غلوبال داتا»، من المتوقع أن تنمو سوق التكنولوجيا المالية العالمية في غضون السنوات الأربع المقبلة، بمعدل سنوي يبلغ 20%، لتصل إلى قيمة سوقية تبلغ 305 مليارات دولار بحلول 2025.
وأضاف، نظراً إلى أن الابتكار التقني وتفضيلات المستهلك في حالة تغير مستمر، كان من المهم التأكد من دمج المرونة في العمليات؛ إذ يجب على الشركات اختبار وتحسين جميع عناصر رحلة المستخدم، بما فيها عملية الدفع.
ومن المتوقع أن يساعد التعلم المستمر والمرن لسلوكيات العملاء، على تحسين معدلات القبول والتحويل، مع المساعدة في الحد من عمليات الاحتيال، واسترداد المبالغ المدفوعة؛ إذ إنهما تؤثران بشكل واضح على الإيرادات.
وأوضح أن العقبة الأكبر في التحول المالي الرقمي تكمن في التحول من الطرق التقليدية لمعالجة المدفوعات، ووضع السياسات المالية ومراقبتها وتوافر الكوادر البشرية الماهرة.
وأكد أبونداندولو أن المدفوعات الرقمية تعدّ عنصراً أساسياً في حلول التكنولوجيا المالية، وقد نمت هذه التقنيات بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، ويبدو أنها ستستمر في تحقيق نمو مطرد في المستقبل.
وقال أبونداندولو: شهدت شعبية المحافظ الرقمية زيادة بنسبة الضعف تقريباً في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وبالمقابل انخفض استخدام خدمة «الدفع عند الاستلام» في المنطقة بنسبة كبيرة بلغت نحو 40% خلال ال 24 شهراً الماضية.
- أنظمة موثوقة
بدورها قالت الدكتورة يلينا يانجوسيفيتش - مدير برنامج ماجستير التمويل والإدارة في جامعة هيريوت وات دبي: تسوق التكنولوجيا المالية في الإمارات يتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12 % بحلول العام 2027 وفقاً لتقديرات «موردر إنتليجنس»، ومع النمو السريع للتجارة الإلكترونية في الإمارات، نشهد تطبيقها وتبنيها من قبل جميع أنواع الأعمال التجارية، ومع ذلك، ومع الاهتمام المتزايد بالتسوق عبر الإنترنت، هناك طلب قوي على أنظمة دفع آمنة وموثوقة.
وأضافت: ووفقاً لبيانات بلومبيرج، رسخت دولة الإمارات مكانتها على مدار السنوات الأخيرة ريادتها الإقليمية في القطاع المالي، وتعتبر بوابات الدفع الموثوقة بعيدة عن الخطأ لنجاح أعمال التجارة الإلكترونية، وعادة ما توفر البنوك والمؤسسات المالية المتخصصة الأخرى بوابات للدفع؛ حيث يمكن للمستخدمين الآن إجراء المدفوعات باستخدام بطاقات الخصم أو الائتمان والمحافظ والخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وطرق أخرى في الإمارات.
وفقاً لدراسة حديثة تبلغ قيمة سوق التكنولوجيا المالية العالمية 305.7 مليار دولار تقريباً بحلول عام 2023، وتتوسع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 22.17% خلال الفترة 2018-2023.
وأوضحت أن البوابات وحلول التكنولوجيا المالية قد ساعدت المؤسسات والشركات في إدارة عملياتها بكفاءة وتقديم الخدمات المختلفة المقدمة في قطاع التكنولوجيا المالية على سبيل المثال وليس الحصر: الدفع و الفواتير والتأمين وتحويل الأموال، وغيرها من الخدمات المالية لجميع القطاعات تقريباً، ومن بين هذه القطاعات، ستكون خدمات الدفع / الفواتير هي المحرك الرئيسي للنمو في السوق العالمية، مما يؤدي إلى توليد إيرادات بقيمة 207.11 مليار دولار في 2023.
- شعبية المحافظ الرقمية
وأضافت يانجوسيفيتش: يؤدي استخدام الأجهزة المحمولة والحلول القائمة على التكنولوجيا إلى زيادة الطلب على الحلول المالية والمصرفية، والتي يمكن الوصول إليها من خلال الأجهزة الشخصية. تستثمر البنوك والشركات بكثافة في الحلول القائمة على التكنولوجيا، وتتنافس مع شركات التكنولوجيا المالية المعاصرة.
ويوضح تقرير «شيك أوت» السنوي الثالث العام الجاري أن 70% من المستهلكين في المنطقة وشمال إفريقيا يفضلون استخدام إحدى طرق الدفع الرقمية كخيارهم المفضل، بينما ترتفع هذه النسبة في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتمتع بانتشار رقمي أعلى بكثير؛ حيث يفضل 80% من المستهلكين في هذه المنطقة طرق الدفع الرقمية لإجراء عمليات التسديد.
