قرصنة الكتب

00:05 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

قبل شهرين كتب الإعلامي والأديب العماني سليمان المعمري، عما وصفه ب«ظاهرة مقلقة في سوق النشر العربي»، وهي إقدام بعض دور النشر على السطو على كتب مترجمة سبق نشرها من قِبَل دور أخرى، وإعادة طباعتها حرفيّاً، من دون بذل أي مجهود سوى تغيير الغلاف واسم المترجم (الذي يكون في الأغلب اسماً وهميّاً من اختراع دار النشر السارقة). والمعمري معروف ككاشف دؤوب للسرقات والانتحالات في الكتب والبحوث.  وأعطى المعمري أمثلة على ذلك، بينها قيام إحدى دور النشر العربية بالسطو على ترجمة دار المنى في السويد لرواية «آن في المرتفعات الخضراء»، وقيام دار نشر أخرى، مقرّها الكويت، بالسطو على كتاب «لماذا أكتب» المتضمن مقالات للروائي البريطاني جورج أورويل، اختارها المترجم الأصلي وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر سنة 2013، ضمن خطة النشر المشترك مع هيئة الثقافة في البحرين، حاملة اسم مترجمها الأصلي، وهو سطو سبق أن لفت النظر إليه أيضاً المترجم السعودي متعب الشمري، حيث قام «المترجم» المزعوم ب«سرقة حرفية للترجمة الأصليّة، صفحة بصفحة، وسطراً بسطر، وكلمة بكلمة، ولم تغيّر دار النشر شيئاً سوى الغلاف»، حسب قول المعمري.
 وبشيء من التحري، لاحظ المعمري أن المترجم السارق لا تجد عنه أية معلومات على «غوغل»، ولا صورة، لا سيرة ذاتية، لا حواراً صحفياً، لا حساباً في «فيسبوك» أو «تويتر». ومع ذلك، فإنه يُقدم خلال فترة قصيرة على نشر ثمانية كتب كاملة لجورج أورويل مترجمة سابقاً، بينها رواية «1984»، مع ترجمة الحارث النبهان للرواية نفسها التي صدرت عن دار التنوير عام 2014، و«الصعود إلى الهواء»، و«مزرعة الحيوان»، و«متشرداً في باريس ولندن»، و«ابنة القس»، و«الحنين إلى كتالونيا»، و«الطريق إلى رصيف ويغان»، وكلها مترجمة سابقاً بالعناوين نفسها من دور نشر عربية مختلفة، فضلاً عن عناوين أخرى سطا عليها المترجم المزعوم، وصدرت عن الدار نفسها.  مؤخراً، أطلق عدد من الكتّاب والناشرين والباحثين والإعلاميين العرب، تحذيراً شديداً من اتساع نطاق عمليات القرصنة للكتب والنصوص والوثائق الورقية والإلكترونية العربية، أثناء المشاركة في مؤتمر بروكسل، برعاية المعهد الأوروبي للدراسات الإبستمولوجية، للبحث في أزمة النشر في العالم العربي، معتبرين القرصنة «جريمة نهب خطرة تصيب حركة النشر بأضرار قاتلة، وسرقة سافرة لجهود المؤلف وحقوق الناشر وتنطوي على ضرر استراتيجي للقارئ الذي يستفيد مجاناً من كتب مقرصنة».
madanbahrain@gmail.com

عن الكاتب:
كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".