فن إدارة الوقت

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

الوقت من أثمن ما نملك، فالأيام تمرّ بنا سريعاً وتتكرر الأزمنة تباعاً، فهو أعظم ما يُمكننا استثماره في حياتنا لأنّه الحاضر والمُستقبل، فما نقصت ساعة من دهرك إلا بقطعة من عُمرك، ويقول الشّاعر أحمد شوقي:
دقاتُ قلب المرء قائلةً لهُ إن الحياةَ دقائقٌ وثوانٍ
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثانٍ
فإدارة الوقت هي حُسن تنظيم الأعمال الّتي نقوم بمباشرتها في حُدود المُتاح، بأقل جهد وأقصر مدة زمنية، فالتّنظيم المُتقن له يُضيف لنا حياة أخرى إلى حياتنا إذا أحسنا استغلاله بالشّكل الأمثل، إلا أنّ هناك الكثير من المُعوقات التي تعيق عجلة استثمار الوقت، كالفُتور، والكسل، واتباع الهوى والمتع الشخصية، وكذلك النّواحي التنظيمية كعدم إعداد برنامج مُتكامل للحياة، وعدم التوفيق بين البيت والعمل، وإهمال الحالة الصّحية، وعدم تنظيم النّوم، والأمر المهم الحياة الاجتماعية، وطبيعة الأشخاص المُحيطين ومدى وعيهم بقيمة الوقت، فعادة ما نعاني في مجتمعاتنا من الزّيارات المُفاجئة، وكثرة العلاقات والمناسبات الاجتماعية التي تقضي على أوقاتنا وتفقدنا السيطرة عليها.
وكل ذلك يؤدي إلى (المماطلة) وهو اللص الأكثر شهرة وتأثيراً من بين معوقات استثمار الوقت، فالبشر بطبعهم يميلون إلى التّسويف واختلاق الأعذار لتأجيل عمل اليوم إلى الغد. ومن أهم الأسباب التي تجعل المرء يؤجل ويُماطل هو عدم الرغبة في العمل، وعدم توافر الحماس، والخوف من الفشل، وعدم ترتيب الأولويات، والتّخطيط غير الواقعي، وعدم القدرة على قول (لا) في المواقف التي ينبغي فيها ذلك، وكثرة استخدام الهاتف والإنترنت والفضائيات وتضييع الوقت من غير فائدة وخاصة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فالوقت كالحديد بقدر ما تبذل من جهد في تطويعه واستغلاله تزداد قيمته وأهميته.
وهُناك موفرات للوقت تُعمل سحرها الخاص وتساعد الإنسان على تجاوز المعوقات، كالتخطيط المُسبق لأي عمل، وتحديد مواعيد نهائية لإنجاز الأعمال، والرّوح الإيجابية للتّعامل مع العوائق والمشاكل، والتفويض الفعّال، وعدم الانجرار وراء الأعمال الخارجة عن المُخطط لها.
ومن أبرز الثّمار الّتي نجنيها من تنظيم الوقت، الشّعور بالتّحسن الدّائم مما يُتيح لنا فُرصاً أكبر مع العائلة، وللترفيه، ومدة أطول للتّطوير الذّاتي من مُختلف الجوانب، وتلبية الأهداف والأحلام الشّخصية، وزيادة الإنتاجية، وتحسين نوعية العمل، والتخفيف من ضُغوط الحياة، وإنجاز الأعمال بشكل أسرع، وبمجهود أقل وبالتالي السّيطرة على اليوم، فعندما يكون لدينا تصور ما علينا فعله يُصبح لدينا القوة على إدارة كل الإزعاجات الّتي قد تربك أهدافنا اليومية.
ومن مُنطلق المسؤولية الشّخصيّة يجب علينا أن نقدر قيمة الوقت ونعي دوره في حياتنا، فلا أعذار في هدره من غير فائدة، ويقع على عاتقنا التزام أخلاقي ينطوي على زرع هذه القيمة في نُفوس فلذات أكبادنا لتكون لهم نبراساً مُضيئاً لدروبهم المُستقبليّة ومشْعلاً وهّاجاً يجنبهم عثرات الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mv4em23t

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"