التراحم

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

عرفت الرحمة في جميع الأديان، لأن كافة الفضائل جزء منها حيث دعت إلى التحلي بها كبقية الأخلاق التي يجب أن يتسم بها الإنسان، فهذه الفضائل دعت لها جميع الشرائع السماوية لأنها تجلب الطمأنينة والسلام الداخلي لما لها من آثار إيجابية تظهر على الإنسان ومجتمعه وبالتالي فهي خلق حميد يعنى بالرأفة والرفق واللين في التعامل مع الكائنات الحية التي يعيش معها الإنسان سواء أكانت بشراً أو حيوانات أو طيوراً.

ومن مظاهره مساعدة الفقراء والمحتاجين ومراعاة حق الجار وإعطاء ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم كاملة والمساواة في المعاملة بين الناس دون تفرقة أو تمييز ومراعاة كبار السن وحسن معاملتهم التي تناسب مرحلتهم العمرية وحالة أجسادهم التي لا تقوى على الحركة، والعطف على الإخوة والأخوات ومساعدة الأيتام وكفالتهم وتقديم التبرعات وزيارة المريض ورفع الروح المعنوية وتقديم المعونات في حالة الكوارث وحتى دعم الطلبة غير القادرين على مواصلة دراستهم.

قال الله تعالى: (ثم كان من الّذين آمنوا وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرْحمة)، فهي المغفرة ورقة القلب وعطفه والرغبة والإرادة في إيصال الخير للغير، وحالة وجدانية ومبدأ للانعطاف النفساني والإحسان، فالتراحم بين الناس من المفاتيح الرئيسية لكسب القلوب وانتشار المحبة والود وفقدانها يؤدي إلى الإخلال بالحياة الكريمة لأن لها بين الناس أهمية عظيمة وضياعها يؤدي الى فقدان الرّأفة وكذلك انتشار الضغينة وضياع الطمأنينة وفقدان الحياة الطبيعية فهي لغة القلوب التي تفهم بلا كلام.

وهي كذلك سبب لنيل رضا الله ومحبته، والراحمون يحبهم الناس ويألفونهم ويودون الاقتراب منهم، وإشاعتها في المجتمع تجعل منه خيّراً وراقياً ومتماسكاً لأنها وسيلة الالتفات إلى الفقراء والمساكين والضعفاء من الناس ومراعاة أحوالهم والوقوف معهم، فالتراحم يعكس قوة الروح الإنسانية ويؤكد أنها ليست مجرد كلمة بل هي طريقة وأسلوب حياة.

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء)، فهو قيمة إنسانية أساسية في كافة الثقافات والأديان، حيث يشجع على التعاون والتكافل بين الأفراد والمجتمعات وهو مظهر للعطف والإحسان في بناء العلاقات الإيجابية وتعزيز الروابط الاجتماعية، ويعتبر من أسس العدالة الاجتماعية لتقليل الفجوات بين طبقات المجتمع ويساهم في توفير الدعم اللازم للفئات الضعيفة والمحتاجة. فمن خلال التراحم يمكن للمجتمع أن يتحد ويتعاون في مواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التقدم والازدهار، فهو قيمة أخلاقية واجتماعية مهمة تعمل على بناء المجتمعات لتكون أكثر تلاحماً وتقدماً لأن في جمال التراحم تكمن قوة الإنسانية وفي قوة الإنسانية يكمن أمل العالم أجمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryjp72n

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"