استثمر في أصحاب المهارات والهوايات

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

في كل مكان هناك أفراد مهمومون ومشغولون بالعمل، بعيداً عن أي صخب وضجيج؛ بل إنهم متحمسون وشغوفون، ومع هذا لا يتقاضون أي مبلغ مالي، وفي كثير من الأحيان تكون مخرجاتهم وما ينتجونه متميزاً بالمهارة، ما يجعل الإعجاب كلمة عابرة لا تصف حالة النجاح التي يحققونها. 
هذه الفئة من العاملين موجودة في كل مجتمع وبلد، ويعيش أصحابها في مختلف أرجاء الأرض.. إنهم الهواة الذين تدفعهم الرغبة والحماس إلى عمل يعتبرونه هواية، فيصهرون فيه طاقتهم وتفكيرهم وإبداعهم، فلا يتذمّرون من ساعات العمل الطويلة المملّة، ولا يتضايقون من الإخفاق بعد التعب والجهد الذي بذلوه، ومع هذا عندما ينجحون ويقدّمون أعمالهم، وتكون شاهدة لتفوّقهم وتميزهم، لا يعتبرون أنهم قدموا شيئاً ذا بال؛ بل على العكس يسعدهم الشرح والوصف لكل من يسأل ويشدّه الفضول للتعرّف إلى منجزاتهم.
أعتبر أن هذه الفئات التي تملك هوايات أياً كان نوعها ومبلغ العلم بها، طاقات مهدورة في عالمنا العربي، يجب الالتفات إليها ودعمها وتشجيعها، خاصة أن أصحابها لديهم أهم علامات النجاح والتميز والتفوق، وهي الحماس والجدية والرغبة. إن أصحاب المهارات الذين ينمّون هذه الهواية بشكل ذاتي، يعدّون مكسباً مهنياً ووظيفياً أكبر ممن يحمل شهادة في تخصص ما، لكنه في الحقيقة بعيد تماماً عن الجودة والمعرفة. 
مثلاً، فتاة أو شاب يستند إلى مهارة في الحاسب الآلي، ويعرف أسراره، وكيف يقوم بصيانته وبرمجته، وكيف يطوّر برامجه، ونحو هذا من المهام، وتجده يتبرع بوقته في مساعدة الآخرين، يصلح أجهزتهم، والجميع يمتدحه، ويستغربون أنه لا يعمل في هذا المجال، بينما يحمل آخر شهادة علمية في صيانة الحواسيب، لكنه لا يستطيع فك «برغي»، والسبب هو أن تعليمه كان نظرياً وليس عملياً، أو كان الشق العملي متواضعاً وضعيفاً. تجد صاحب الهواية يطوّر مهاراته، ومهموم بالمعرفة في هذا المجال؛ لأن الذي يقوده هو الشغف والحب للحواسيب والأجهزة، بينما توقف الآخر تماماً بعد نيله الشهادة، فلا حماس لديه ولا رغبة في هذا المجال. 
الفرق بين الاثنين كبير، ومع هذا يُنظر إلى الآخر بسبب شهادته، ويهمل من هو متميز وموهوب. نحن بحاجة إلى تطوير آليات الاستقطاب والتوظيف، لتركز على أصحاب المهارات والهوايات، لا أصحاب الشهادات. وأعتقد أن الاختبار والتجربة العملية التي من الممكن أن تمتد أسبوعاً في مقر العمل، كفيلان بتوضيح الهوّة والفرق بين الاثنين.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jepx2mh

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"