د. حسن مدن
«يبدو من خلال جلوسك هنا أنك كنت تخفي الحقيقة. هكذا يبدو الأمر».. هكذا خاطبت جولي إيليوت، النائبة عن حزب العمال في لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة بمجلس العموم البريطاني، ريتشارد شارب، رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، خلال جلسة مساءلته في مجلس العموم عن تورطه في تسهيل حصول رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون على قرض مالي، ما مهدّ لشارب في ما بعد تعيينه رئيساً لمجلس إدارة «بي.بي.سي».
في مجتمعاتهم التي تتوفر فيها أدوات رقابة ومحاسبة، يتغير رؤساء الحكومات وكبار المسؤولين، لكن ملفاتهم لا تطوى، والعلاقة بين المال والإعلام والسلطة ليست أمراً جديداً. فيها وعنها كتب وقيل الكثير. كيف لمؤسسات إعلامية ضخمة أن تسير أعمالها بدون أن تكون لها علاقة براسمي القرار وبعالم المال، بكل دهاليزه وتشابك، أو تضارب، مصالحه؟ ولا يبدو أن الشكوك المحيطة بعلاقة شارب وجونسون بعيدة عن هذا الأمر.
نفى شارب أن يكون قد قدّم أي عون مباشر لجونسون في الحصول على القرض موضع الحديث، وأن كل ما قام به هو تقديم رجل الأعمال الكندي الملياردير سام بليث للأمين العام للحكومة سيمون كيس، الذي ناقش مع شارب فكرة أن يكون ضامناً لجونسون للحصول على قرض قالت الصحافة إن قيمته تبلغ 800 ألف جنيه إسترليني، وقال شارب إن بليث أخبره بأنه يريد تقديم استشارة مالية لجونسون، بعدما قرأ عن متاعبه المالية في وسائل الإعلام.
ومع أنه نفى وجود أي شبهة صلة بين تعيينه رئيساً لمجلس إدارة «بي. بي. سي» وقيامه بمهمة الوسيط بين الملياردير الكندي ومكتب مجلس الوزراء، وأنه لم يشارك، لا من قريب أو بعيد، في أي شيء حصل أو لم يحصل، فهو لا يعرف شيئاً عن المصرف، ولا علم له بالقرض، واصفاً علاقته بجونسون بأنها «مهنية بحتة»، إلا أن شارب أقرّ، مع ذلك، بأن «إثارة القضية مشروعة». وعندما سئل إن كان نادماً لأنه لم يتطرق للموضوع أثناء مسار تعيينه رئيساً لمجلس إدارة «بي. بي. سي»، قال: «بطبيعة الحال أنا نادم على هذا الموقف»، مضيفاً: «الأمر تسبب في إحراج ل «بي بي. سي»، وأعتذر عن ذلك».
مع أن برلمانيين أقرّوا بكفاءة شارب، وأنه نال منصبه في «بي. بي. سي» بجدارة، لكن ذلك لم يمنع، في نظر الكثيرين، أن يظل هذا التعيين بريئاً من الريبة.
