مناطيد عسكرة الفضاء

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

يبدو أن ظاهرة المناطيد و«الأجسام الطائرة»، التي أشعلت سجالات بين الولايات المتحدة والصين، تخفي أموراً أخطر مما يتم التصريح به، فهناك تكتم وغموض ومعلومات مضللة وتحليلات تتضارب بين اتهام هذا لذاك، وحديث عن احتمال أن تكون تلك «الأجسام» من كواكب أخرى، من دون تقديم أدلة يمكن أن يقبلها العقل، وتتطابق مع المنطق.

غياب التفاصيل يؤكد أن القضية أكبر من المعلن، وعلى الأرجح أنها جزء من حرب تدور بين الولايات المتحدة وخصومها في صدارتهم الصين وروسيا. فبعد أيام من إسقاط منطاد صيني قبالة سواحل كارولينا الشمالية، واتهام بكين بالتجسس على القارات الخمس، كان رد الصين بالمثل، وكشفت أن الولايات المتحدة تتجسس عليها بالأدوات ذاتها، وهو ما يشير إلى أن المعركة ليست جديدة؛ بل تعود إلى أشهر وسنوات، ولكن إثارة المشكلة في هذا التوقيت، ربما يعني انتهاء مرحلة، وبداية أخرى محملة بالإثارة والمفاجآت، بكل ما يحمله ذلك من أبعاد قد تقود إلى المواجهة المباشرة، خصوصاً أن المسرح الدولي بات متخماً بالأزمات وخطابات التحريض ومهيأ للأسوأ وفق ما تروج له قنوات ذات صلة بصنّاع القرار، ومنها أن البعض لا يستبعد صداماً أمريكياً صينياً أو غربياً روسياً على خلفية التباين الكبير بين هذه الأقطاب، إزاء قضايا مصيرية للعالم أجمع، ومن ضمنها المشكلتان في أوكرانيا وتايوان.

المناطيد الجوالة للأغراض العسكرية، ظاهرة عرفتها البشرية سابقاً، وكانت نذيراً لصراعات كبرى، فقد تم استخدامها قبل الطائرات في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وعلى الرغم من التقدم التقني الهائل، وظهور المقاتلات والمروحيات والصواريخ والأقمار الصناعية، يبدو أن هناك بعض «الأجسام الطائرة» ومنها المناطيد ما زالت مخصوصة ببعض المهمات في المجال العسكري، بعد أن استوعبت التطور التكنولوجي والرقمي، بما يؤهلها للعب أدوار في الصراعات القائمة.

وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، فقد سبق للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما أن اعترف قبل عامين بأن «هُناك أجساماً طائرة مجهولة في السّماء»، بالتزامن مع تقارير عن وجود المئات منها، لكن يجري التكتم على من أطلقها ولفائدة من تعمل، ربما لعدم معرفة أو لضرورة أمنية وعسكرية.

قبل يومين، أفادت وسائل إعلام صينية، بأن أجساماً مجهولة تركت أضواء ساطعة في السماء شوهدت بمدينة تشيتشيهار في مقاطعة هيلونججيانغ شمال الصين، وجرى تداول هذا الخبر من دون تعليق رسمي.

وفي الولايات المتحدة يحتدم السجال في أروقة البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون من دون أن تتوفر أجوبة قطعية، ما يزيد من هالة الغموض والترقب، على الرغم من تطمينات رسمية تحوم حول أن هذه «الأطباق» ربما تكون حميدة، أو قدمت من كواكب أخرى.

منذ عقود دخلت القوى الدولية الكبرى، ومنها الولايات المتحدة وروسيا والصين، في صراع واسع على الفضاء الخارجي، وفي مرات عدة تبادلت الاتهامات ب«عسكرة الفضاء»، وبصرف النظر عن النفي والتأكيد، إلا أن هذه العسكرة قائمة فعلاً، وهناك مشاريع دخلت حيز الاستخدام، وربما هذه الأطباق الطائرة جزء من هذه الحرب التي ستبوح بالكثير من أسرارها في الأيام المقبلة، إن تطورت إلى الأسوأ.

Chouaibmeftahgmail.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3wa3ftmn

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"