عادي

وجبات وترفيه.. مبادرات في حلب تزرع الأمل بعد الزلزال

14:56 مساء
قراءة 3 دقائق
حلب

حلب: (أ ف ب)
على وقع قرقعة الأواني المنزلية ورائحة الأرز المطهو مع الدجاج، يتناوب عشرات المتطوعين في مدينة حلب في شمال سوريا، على توضيب وجبات طعام ساخنة، بهدف توزيعها على عائلات شرّدها الزلزال المدمر، أو صدّع منازلها.
وكخلية نحل لا تهدأ، يتقاسم متطوعو «جمعية ساعد الخيرية» المهام داخل قبو تابع لحديقة عامة في المدينة، في مبادرة من سلسلة مبادرات تطوعية تشهدها حلب ومدن سورية أخرى ضربها الزلزال، ومركزه في تركيا، في السادس من الشهر الجاري، متسبباً بمقتل قرابة 46 ألف شخص في البلدين.
محاطين بأكياس من الخضار وصوان من الأرز، يعمل قرابة مئة متطوع من مختلف الأعمار بالتناوب داخل المطبخ الجماعي لإعداد وجبات على مدار الساعة، استفاد منها حتى الآن قرابة سبعين ألف شخص في المدينة.
يقول مؤسّس المبادرة عصام حبّال لوكالة فرانس برس: «نوزع وجباتنا في الأغلب على مراكز الإيواء.. إضافة لفرق جوالة توزع الطعام على الناس المشردين في الحدائق والشوارع».
ويُضيف الرجل الذي تنشط جمعيته، ومقرها في دمشق، في إطعام المحتاجين خصوصاً خلال شهر رمضان «كانت الاستجابة هذه المرة مختلفة لأنها طارئة ومستعجلة ولم نكن مستعدين لها».
وداخل المطبخ الذي تتوسطه طاولات خشبية متراصة، تنهمك مجموعة من المتطوعين في غسل الأرز والدجاج والخضار، وفي زاوية أخرى تستقبل مجموعة مواد غذائية من متبرعين، بينما يعمل آخرون على توضيب وجبات الأرز وتزيينها بالدجاج، تمهيداً لتوزيعها.
ويوضح حبّال «نحن في مدينة حلب المشهورة بمطبخها ووجباتها وناسها الذواقة، لذا لا نقبل أن تكون وجباتنا أقل جودة من تلك التي توضع على موائد الحلبيين عادة».
ولم تسلم مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية والتي كانت تعد عاصمة البلاد الاقتصادية قبل اندلاع الحرب فيها عام 2011، من تداعيات الزلزال الذي تسبّب بمقتل 432 شخصاً فيها، وتسبّب الزلزال بانهيار 54 مبنى، أغلبيتها في الجزء الشرقي من المدينة.

  • حلاقة مجاناً

إثر الزلزال المدمّر الذي أودى بحياة أكثر من 3600 شخص في أنحاء سوريا، اضطر سكان كثر لإخلاء أبنية كانت الحرب صدّعتها، وتوجه هؤلاء إلى مراكز إيواء موجودة أساساً، أو تمّ تجهيزها على عجل، أو لجأوا إلى أقاربهم.
ومع كل هزة ارتدادية، شاهد مراسلو وكالة فرانس برس عشرات العائلات تفترش الحدائق والساحات العامة، أو تلجأ مع أطفال مرعوبة إلى سياراتها التي تضيق الشوارع بها، خشية من انهيار منازلهم.
ورغم نجاة منزله من الزلزال الأول، دفع الخوف إثر الزلزال الثاني، ليل الاثنين، مصفّف الشعر سركيس هاغوبيان (21 عاماً) ووالديه إلى اللجوء إلى مركز إيواء تابع لكنيسة دير الأرض المقدسة في حي الفرقان.
وفور وصوله إلى المركز، أخرج هاغوبيان من حقيبة بحوزته عدّته من مقص وماكينة وبدأ تقديم الخدمة التي يجيدها مجاناً لمن يرغب حلاقة الشعر في الباحة الخارجية للمركز.
ويقول لوكالة فرانس برس: «أنا حلاق ولا أتقن أي شيء آخر، لذا بادرتُ بهذه الخدمة».
ومنذ الزلزال المدمر، لم يهدأ مقصّ الحلاق الذي يروي كيف أمضى وقته في التنقل من مركز إيواء إلى آخر، حتى بات معروفاً خلال الأيام الأخيرة بلقب «ساكو الحلاق»، وبات كل من يصادفه في الشارع يلقي عليه التحية ويشكره على جهوده.

  • خارج الزمن

بعد مشاهدتها طفلة في السادسة من عمرها ترسم بعد يومين من الزلزال الأول على ورقة أمامها دوائر متداخلة وتقول لمن حولها: «أنا أرسم الزلزال»، قررت الفنانة المتخصصة في مسرح الأطفال، صونا سلوكجيان، أن تخصّص وقتها للترفيه عن الأطفال الذين روّعهم الزلزال.
وتقول سلوكجيان (38 عاماً) لوكالة فرانس برس: «شاهدت الخوف في عيون الطفلة، وشاهدت الخوف في عيون ابنتيّ، وقررت أن أتطوع في الشيء الذي أحبه، الغناء والرقص مع الأطفال».
وعلى خشبة مسرح تابع لكنيسة مار إلياس في حي الفيلات في حلب، قدّمت سلوكجيان برفقة مهرّج عرضاً فنياً حضره العشرات من الكبار والصغار، من المقيمين في مركز إيواء تابع للكنيسة يضم أكثر من 800 شخص شرّدهم الزلزال.
وعلى المسرح، يلتفّ الأطفال حولها وهي تردّد أغانيهم: بعضهم يعانقها بينما لا يترك طفل مُصاب بالتوحد يدها، تنهمر دموعها وهي تغنّي له وتضع يدها على رأسه.
وتفيد الشابة بتأثر وكالة فرانس برس: «هذا أقل ما يمكن أن نقدمه، ليس الأطفال وحدهم من يفرحون، أشعر كأنني خارج الزمن، أشعر بالأمان خلال تقديم العرض».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hmhyh967

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"