عادي
هل تصلح بديلاً للمتابعة المباشرة من الوالدين؟

أجهزة الرقابة المنزلية.. عيون ترصد المخاوف

00:27 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يلجأ كثير من الآباء ممن لديهم ظروف اضطرارية تجعلهم يقضون أوقاتاً طويلة خارج المنزل، إلى أجهزة المراقبة بالكاميرات للتمكن من الاطمئنان على أبنائهم في المنازل، سواء الصغار في حال وجود مربية معهم، أو من يجلسون وحدهم بداية من عمر 10 سنوات، ووفقاً للجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال في المملكة المتحدة فإنه نادراً ما ينضج الأطفال دون سن 12 عاماً بدرجة كافية ليتم تركهم بمفردهم فترة طويلة من الزمن، ولا ينبغي ترك الأطفال دون سن 16 بمفردهم بالمنزل طوال الليل، ولا يجب ترك الرضع والصغار وحدهم أبداً.

رصدت «الخليج» مجموعة من الآراء من الأمهات العاملات وربات البيوت، حول أسئلة تتعلق بمراقبة الأبناء أثناء وجودهم وحدهم في المنزل بكاميرات المراقبة، وهل يمكن أن تكون هذه الأجهزة بديلاً للمتابعة المباشرة من الوالدين، وما هو تأثير هذا التصرف في الأطفال.

الصورة

تؤكد عائشة المرزوقي، محامية، أنها لا تُشجع على ترك الأطفال في المنزل بدون رقيب لغير الحالات الطارئة، إلا أن الاستعانة بكاميرات مراقبة المنزل أصبحت من الأساسيات، لأنها تبث روح الثقة والطمأنينة عند الوالدين وتريح العقل والقلب وتخفف من القلق والتفكير عند خروجهما من المنزل، حيث إن معظم البيوت لا تخلو من وجود مساعدة منزلية، وهي ضرورة مٌلحة عند ترك الصغار الرُضع، حيث إنهم لا يستطيعوا التعبير عن الموقف بالشرح والتحدث.

وتضيف: أما الأطفال الأكبر سناً فيمكن مراقبتهم بالكاميرا عند التواجد في الخارج لساعات طويلة عن المعتاد، ولكن يجب الانتباه إلى التحدث معهم عن ذلك للاطمئنان عليهم وليس لتقييد حريتهم أو عقابهم عن أفعالهم فيما بعد.

بيئة آمنة

وتوافقها الرأي سمر كامل، أم لأربعة بنات، وتقول: إن عمل الأم أصبح ضرورة في معظم العائلات، ما يضطرها إلى ترك الأطفال وحدهم في المنزل بعد بلوغهم سن العاشرة أو الاستعانة بمربية للأصغر سناً، وفي الحالتين تُعد المراقبة أمراً لابد منه، وخاصة أن هناك نسبة من العاملات المنزليات غير مؤهلات للتعامل مع هذه الفئة العمرية ويفتقرن إلى الأمانة والمسؤولية، وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص ينصحون بدور الرعاية إلا أن وجهات النظر تختلف من شخص لآخر، حيث يرى البعض أن وجود الطفل في بيته أفضل.

وتضيف: يمكن أن يؤثر سلباً في الطفل تركه ومراقبته أثناء خروج الوالدين، ولكن يمكن تلافي ذلك عن طريق مناقشة الأمر بين أفراد الأسرة والتأكيد من الأب والأم أن وضع الكاميرا فقط لضمان السلامة والأمان، وليس لعدم الثقة في الابن أو الابنة، مع تخصيص وقت كافٍ للاهتمام والتحدث عن تفاصيل ما حدث أثناء غياب الوالدين، لأن أجهزة المراقبة تكون كاشفة لأجزاء محددة فقط من أركان المنزل.

مواجهة المواقف

ترى نمارق الهادي، موظفة، أن ترك الأطفال في المنزل لساعات طويلة يمكن أن يتسبب في شعورهم بالخوف الشديد والتوتر المرضي، ما يترك في نفوسهم آثاراً سلبية ولا يستطيعون مواجهة المواقف فيما بعد، بالإضافة إلى أن وجودهم بدون رقيب يمكن أن تنتج عنه بعض الحوادث التي تؤدي إلى تعرضهم للخطر، ولذلك يجب وجود مساعدة منزلية، مع تركيب كاميرا لمراقبة الوضع في المنزل، والتدخل في الوقت المناسب.

وتلفت إلى أنه من الأفضل وضع الصغار في دور الرعاية المخصصة لضمان سلامتهم، أو تواجد أحد الأبوين معهم في المنزل في حالة الضرورة للخروج. الأطفال ذوو العشر سنوات يدركون ما يحدث حولهم، ولديهم القدرة على التصرف إلى حد ما في حال انقطاع الكهرباء أو التعرض لموقف ما، ويجب أن يكون ذلك أيضاً لساعات محدودة فقط.

وتُشير لينا رشرش، مدربة تطوير الذات، إلى أن تركيب كاميرا المراقبة في المنزل يٌعد الحل الأنسب لخوف الأهالي على أطفالهم كلما خرجوا إلى العمل، حيث إنهم يكونون قادرين بفضلها على الاطمئنان أولاً بأول على حال الصغار أتناء غيابهم، ويُعد العمر المناسب لترك الطفل وحده ومراقبته بأنظمة المراقبة والكاميرات، بداية من يوم إلى 5 سنوات، حيث لا يكون قادراً بعد أن يدافع عن نفسه من الأذى أو يعبر عما بداخله أو يقوم بطلب مساعدة الوالدين في حال تم الاعتداء عليه من قبل العاملة المنزلية.

الحوادث المنتشرة

تلفت رفاه عبد الفتاح، موظفة وأم لثلاثة أطفال، إلى أن الحوادث المنتشرة في السنوات الأخيرة لعاملات المنازل مع الأطفال، جعلت الأم العاملة تفكر باللجوء للكاميرا لمراقبة المنزل أثناء خروجها، حيث إنها تُعطي الوالدين شعوراً بالطمأنينة من خلال متابعتهم ومشاهدتهم باستمرار، وحماية الأطفال من أي تعنيف أو سوء في المعاملة، وقد لعبت أجهزة المراقبة الحديثة دوراً هاماً في كشف العديد من العاملات غير المؤهلات لرعاية الأبناء.

وتضيف: في المقابل هناك إيجابيات وسلبيات لوجود كاميرات المراقبة المنزلية، فعلى الرغم من أنها تمنح الوالدين شعوراً بالطمأنينة وهم في الخارج، إلا أنها يمكن أن تتسبب في الوسواس وحالة القلق والتشتت الذهني لدى الأب والأم، ومن جانب آخر هناك من يفضل أن تكون الكاميرات سرية ومخفية عن الأعين في حين أن الأغلب يفضلونها ظاهرة، وهذه تُعد الأفضل حيث إن وجود أجهزة المراقبة أمام أعين العاملة المنزلية يُشكل عامل وقاية قبل حدوث المشكلة، وهو المطلوب من قبل الوالدين بعدم ترصد الحدث كيف يقع بل بمنعه والوقاية من وقوع أي جريمة تذكر بحق المنزل.

الصورة

تطور مجتمعي

من جهتها توضح الاختصاصية الاجتماعية، صالحة نصيب حمد، أن أجهزة المراقبة المنزلية ظاهرة بدأت تغزو أغلب المجتمعات مع التطور الذي حدث في عالم التكنولوجيا، ورافقه خروج الأبوين إلى العمل؛ ويحق لهما وضع تلك الكاميرا لمتابعة كل صغيرة وكبيرة من مرحلة الولادة، وفي حال عدم وجود بديل من الأهل يشرف ويتابع الأبناء؛ وهذا لن يؤثر في نفسية الأبناء البتة؛ لصغر سنّهم وعدم وعيهم بمفهوم المراقبة، وكذلك لحاجتهم الشديدة إلى الحماية من تعرضهم للأذى من قِبَل مَن يقوم بمتابعتهم، وخاصة إن كانت عاملة في المنزل، وعدم قدرتهم عن التعبير أو الدفاع عن أنفسهم؛ فكم من طفل تم تعذيبه وانتهاك شخصيته دون اكتشاف ذلك بدون وجود هذه الكاميرات، ولكن حالياً قلّت الظاهرة بعد انتشار أجهزة المراقبة المنزلية.

وتضيف: الأبناء من عمر 7سنوات، وحتى عمر 15سنة، يحتاج لمثل هذه المتابعة بواسطة الكاميرات، بشرط أن يتم وضعها بسرّية تامة لا يعلم بها غير الأبوين فقط، وهم مَن يطَّلعون عليها دون إفشاء الأمر أمام العاملين بالمنزل أو حتى أقرب الناس إليهم؛ حتى لا ينصدم الأبناء بما فعله والديهم من عدم الثقة بهم والاعتداء على خصوصيتهم؛ لأن وضع الكاميرات ليس الهدف منه تصيّد أخطاء الأبناء ومعاقبتهم عليها، وإنما هي لحمايتهم من أنفسهم أولًا، ومن أصدقاء السوء، وكذلك من أن ينتهك أحد العاملين في المنزل عقولَهم وأجسادهم.

وتؤكد نصيب أن وجود هذه الكاميرات قد أصبح ضرورياً لحماية الأبناء، ومع ذلك لا يستغنى عن متابعة الوالدين الشخصية للأبناء؛ خاصة أن هذه الكاميرات لها نطاق محدد للمراقبة والمتابعة، وهناك أماكن قد لا تصل إليها؛ مثل ركوبهم بمفردهم مع السائق بالسيارة، أو في حديقة المنزل إن كانت بها أشجار كثيفة، أو غرف لا توجد بها أجهزة المراقبة.

وقت نوعي

5
لينا رشرش ( مع الكادر)

هناك أسباب عديدة تضطر الأم لترك أطفالها والعمل خارج المنزل لذلك يجب وضع خطة بديلة وتقديم «وقت نوعي» مع الأطفال وتطوير مهاراتهم في أوقات الفراغ وتجمع أفزاد العائلة، بحسب لينا رشرش، وتضيف: يتم ذلك لتعويض الفترة التي تغيب فيها الأم، وتنمية مهارات التواصل مع صغارها من خلال القيام ببعض الألعاب والنشاطات سوياً في عطلة نهاية الأسبوع، ومما لا شك فيه أن هذه النشاطات سيكون لها الأثر الكبير في الترابط النفسي بينهما.

وتشير إلى إمكانية استبدال المراقبة بأجهزة المراقبة المنزلية، بإدخال الأطفال في دور الرعاية لأنها تخفف الضرر النفسي عن الطفل، لاسيما بعد إكمال الصغار لعامهم الأول، حيث إن برامجها إثارة للذكاء، وتحفز خلايا الدماغ، إضافة إلى أنها تعتبر نشاطاً اجتماعياً يقوي الشخصية والتواصل مع الآخرين، من دون وجود تأثيرات سلبية أو عنف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mu45ruf7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"