تركيا.. والزلزال الأصعب

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

يبدو أن تركيا أضحت على موعد مع زلزال آخر يفوق زلزال الطبيعة الذي تعرضت له في السادس من فبراير/ شباط الماضي، لكن الزلزال المنتظر هذه المرة من صنع البشر وليس من صنع الطبيعة، فهو بالتحديد زلزال سياسي. فإذا كان زلزال الطبيعة قد دمر أكثر من 11 ولاية فى جنوب وشرق وجنوب شرقي البلاد، وأودى بحياة 48 ألف شخص وإصابة ما لا يقل عن 120 ألفاً وتدمير وتصدع أكثر من 180 ألف مبنى ومنزل، وتقدر خسائره بأكثر من 34 مليار دولار، كما تقدر تكاليف إعادة الإعمار بنحو 70 ملياراً، فإن الزلزال السياسي المتوقع، إذا حدث سيؤدي إلى نهاية عهد الرئيس التركى الحالى رجب طيب أردوغان و«حزب العدالة والتنمية» الحاكم، والعودة مجدداً إلى النظام البرلماني وفقاً لتعهدات التحالف الانتخابي الرئيسي المعارض الذي يحمل اسم «طاولة الستة» والذي يتكون من ستة أحزاب معارضة كبرى أبرزها «حزب الشعب الجمهوري» بزعامة كمال كليتشدار أوغلو الذي تم اختياره مرشحاً رئاسياً في مواجهة أردوغان في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة يوم 14 مايو/ أيار المقبل.

استطلاعات الرأي تكشف عن تفوق أوغلو مرشح تحالف «طاولة الستة» الذي تجاوز أزمته الطارئة التي سببتها ميرال أكشينار زعيمة حزب «الجيد» المعروفة ب «المرأة الحديدية» عندما أعلنت رفضها ترشيح أوغلو للرئاسة، وهي الأزمة التي اعتبرت بمثابة انفصال عملي لحزب «الجيد» عن تحالف «طاولة الستة». تراجعت ميرال أكشينار عن موقفها، وعادت اللحمة والتماسك مجدداً لتحالف «طاولة الستة».

وعلى الرغم من تنافس 36 حزباً سياسياً فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، منها 9 أحزاب تخوض الانتخابات للمرة الأولى، وعلى الرغم من وجود أربعة تحالفات سياسية انتخابية ستخوض الانتخابات هي «تحالف الشعب» الحاكم وتحالف «طاولة الستة» وتحالف «العمل والحرية» الذي يضم أحزاباً يسارية بزعامة حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأتراك وتحالف «أتا» (من أتاتورك) اليميني الجديد الذي يضم الأحزاب القومية بقيادة «حزب النصر» الذي يتزعمه أوميت أوزداع، فإن المنافسة تكاد تكون محصورة بين التحالفين الكبيرين: «تحالف الشعب» الحاكم الذي يضم أحزاب «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» برئاسة دولت بهشلي و«حزب الوحدة الكبرى» برئاسة مصطفى ديستيجي، وانضم إليه حديثاً «حزب الهدى» الذي يعد الذراع السياسية ل «حزب الله التركي» ويسعى إلى ضم «حزب الرفاه الجديد» برئاسة «فاتح أربكان» نجل مؤسس تيار الإسلام السياسي في تركيا الراحل نجم الدين أربكان.

أما التحالف القوي الآخر المنافس فهو تحالف «طاولة الستة» الذي يضم «تحالف الأمة» الذي يضم «حزب الشعب الجمهوري» بزعامة كمال كليتشدار المرشح الرئاسي و«الحزب الجيد» بزعامة ميرال أكشينار، و«حزب السعادة» برئاسة تمل كارامولا إضافة إلى «حزب الديمقراطية والتقدم» بزعامة علي بابا جان وزير الاقتصاد المميز السابق في حكومة أردوغان، و«حزب المستقبل» برئاسة أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق، إضافة إلى «الحزب الديمقراطي» برئاسة جولتكين أويصال.

نجاح تحالف «طاولة الستة» في التوحد على اختيار مرشح واحد باسمه لخوض الانتخابات الرئاسية هدفه إقامة نظام بديل برلماني أكثر اقتداراً في تحقيق الديمقراطية والعدالة والشفافية ومحاربة الفساد، وإذا ما تحقق ذلك فهذا يعني زلزالاً سياسياً حقيقياً سيهز أركان الجسر السياسي- الاقتصادي التركي.

أحمد داوود أوغلو زعيم «حزب المستقبل» شريك تحالف «طاولة الستة» صاحب نظرية «العمق الاستراتيجي» عّبر عن هذا البرنامج السياسي لتحالف «طاولة الستة» بقوله «تحالفنا هو للوطن وليس لرئاسة شخص أو سلطة حزب أو تحالف مجموعة أحزاب، بل مشروع اجتماعي يستمد قوته من ضمير وطني عميق، وتراكم خبرة قرنين من التاريخ السياسي. إن نجاح وتصميم مشروع السلم الاجتماعي هذا، يتحدى استراتيجية الاستقطاب للحكومة، ويُعد مصدر أمل لأمتنا، هو فوق كل الحسابات السياسية».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56ywxkvu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"