تغيير النموذج الفكري التربوي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل على وزارات التربية والتعليم العربية أن تغيّر الأطر الفكرية التي تضع فيها المناهج؟ في هذا الميدان الحيوي بامتياز، أو ما فوق الحيوي، يجب تغيير النموذج الفكري، فالعالم في كل ميادينه يغيّر نظرته إلى الأشياء، التي هي بدورها تتغير. طريقة التخطيط التربوي التعليمي يجب أن تتطور، بالمعنى البيولوجي. حتى لا يدّعي القلم لنفسه رأياً خاصّاً في أهم المجالات الحساسة، يكتفي بالتذكير بمقولة أكبر عالم رياضيات فرنسي «سيدريك فيلاني» (أي: سيُدريكَ في الآنِ): «المناهج الفرنسية تحتاج إلى نسف». أمّا المناهج العربية فقطعاً لا تحتاج إلى أكثر من ذلك.
كيف يمكن تغيير النموذج الفكري؟ المسألة بسيطة حين يتساءل خبراء المناهج: هل غسلنا أيدينا من صبّ العلوم والمعارف في أدمغة الدارسين بالقُمع؟ هل تحرّرنا من الأساليب البالية المعتمدة على الحفظ من دون فهم؟ البدائل حينئذ جليّة: تربية العقل الناقد، تنمية البحث العلمي وإشراك المتلقين في عملية التعليم. هل تكون الآلة أوفر حظاً من بناتنا وأبنائنا؟ في الذكاء الاصطناعي ثمّة التعلم الآلي، التعلم بالإشراف، التعلم من دون إشراف، التعلم العميق أو المتعمق والتعلم المعزز. الأخير لا يزال في بداياته ويبشّر بآفاق نجومية. الآلة في التعليم المعزز أو المدعوم تتدرب على إيجاد الحلول بنفسها. قفزة تكنولوجية «مخيفة»، لكنها الحل الرائع حين تكون التغذية بالخوارزميات في البيانات تتجاوز المقبول، مثل حركات الشطرنج، فبعد النقلة الخامسة عشرة قد تصير الاحتمالات أكثر من عشرة آلاف حركة ممكنة، وهذا مثال أصغر من صغير قياساً على غيره.
الطريف هو الطريق ذو الاتجاهين، فخبراء الذكاء الاصطناعي يستفيدون من العلوم العصبية لتطوير الذكاء غير البيولوجي، وأساتذة التربية والتعليم يستنبطون الأفكار، ويستوحون الأساليب من آليات تعلّمِ الذكاء الاصطناعي في سبيل التعامل مع أدمغة التلاميذ والطلاب. أمّا ما يستمدّه المشتغلون على الآلة الذكية في العلوم العصبيّة، فهو الارتقاء بالقدرة على التعلم والانتقال إلى إيجاد الحلول بنفسها من خلال تجربة الخطأ والصواب، تمهيداً للمراحل البعيدة، أي الابتكار والإبداع، ولِمَ لا، ولو آجلاً. وأمّا ما يستلهمه التربويون من الذكاء الاصطناعي، فهو ضرورة البحث عن أساليب تجعل التربية والتعليم عملية تراكمية وذات نموّ تصاعدي راسخ وقائم على منطق صعودي. لا بدّ من تغيير الأساليب، فليس معقولاً أن يكون الطالب الجامعي غير قادر على امتلاك أبسط أساسيات النحو والصرف التي درسها في أوائل الابتدائية. هنا، لك أن تفكر في الدواعي التي جعلت البروفسور «سيُدريكَ في الآنِ» يدعو إلى نسف المناهج من الأساس.
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: لا يتغير ما بقوم إلاّ إذا غيّروا مناهجهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/527ta8de

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"