من نيوزيلندا انطلق اليوم

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

في العام الماضي (2022) اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بتخصيص الخامس عشر من مارس/ آذار كل عام، يوماً عالمياً لمكافحة رهاب الإسلام، (الإسلاموفوبيا)، ولكون هذا القرار اتخذ بالإجماع، فإن ذلك يعني أن الدول الأعضاء البالغ عددها 193 عضواً تدرك، أو هكذا يفترض، ما دامت وافقت عليه، خطورة هذه الظاهرة وتبعاتها السلبية الكثيرة على العالم، وعلى مبدأ الأخوّة الإنسانية التي تتسع لجميع الأديان والمعتقدات.
 ظاهرة «الإسلاموفوبيا» تفشت في العقود القليلة الماضية، على خلفية الأوضاع غير المستقرة في العديد من البلدان الإسلامية، بما فيها بعض بلداننا العربية، واضطرار قطاعات واسعة من مواطني هذه الدول إلى الهجرة نحو بلدان أوروبية، وغير أوروبية. ومع تنامي موجة التطرف والإرهاب، ونشوء جماعات تكفيرية تتبنّى العنف داخل بلدانها، وتصديرها للإرهاب، تنامت الظاهرة في المجتمعات الغربية، التي لم تكن بعض حكوماتها بريئة من تمكين هذه الجماعات لبواعث ومرامٍ سياسية شريرة في تفكيك الدول القائمة، وإشاعة الفوضى فيها.  تزامن صدور قرار الأمم المتحدة بتخصيص هذا اليوم مع ذكرى الجريمة الإرهابية في نيوزيلندا، عندما اقتحم يميني متطرف مسجدَين، وأطلق النار على المصلين، ما أدى إلى مقتل 51 شخصاً، وجرح آخرين، ويذكر العالم بكل تقدير الوقفة الإنسانية والشجاعة لرئيسة الحكومة النيوزيلندية يومها، جاسيندا أرديرن، في إدانة الجريمة ومؤازرة ذوي الضحايا، وما اتخذته حكومتها من إجراءات مشددة ضد حيازة الأسلحة وسَنّ قوانين ضد خطاب الكراهية، مقدّمة بذلك نموذجاً يجب أن يحتذى من بقية الدول التي تتنامى فيها مشاعر«الإسلاموفوبيا».  محقاً كان أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، في قوله إن «الإسلاموفوبيا» «ليست حدثاً منعزلاً، بل جزء أصيل من عودة القومية الإثنية للظهور وأيديولوجيات النازيين الجدد الذين يتشدّقون بتفوق العرق الأبيض»، وهذا ما يؤكده تعمد إشاعة حال من الهلع الشديد في المجتمعات الأوروبية من المهاجرين العرب خاصة، والمسلمين عامة، تحت يافطة «الإسلاموفوبيا» بالذات، بتصوير جميع العرب والمسلمين بأنهم إرهابيون ومتطرفون، وينقل موقع «بي. دبليو» الألماني عن الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية نتائج استطلاع أجري عام 2017 تفيد بأن نحو 31 في المئة من المسلمين في أوروبا، تعرّضوا للإقصاء غداة البحث عن عمل، وأن 42 في المئة منهم تمّ إيقافهم في عام واحد من طرف الشرطة لأسباب تخصّ خلفياتهم الثقافية، وفي ألمانيا وحدها، على سبيل المثال، أحصى التقرير 732 جريمة ضد المسلمين، و54 هجمة على مؤسسات، تمثل أو تابعة لهيئات إسلامية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3sbyy5yh

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"