عادي

الاستشارة قبل الصيام ضرورية.. وصفة الأمراض المزمنة

22:53 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

لا توجد قاعدة ثابتة لتحديد إمكانية صيام شهر رمضان للأشخاص الذين يعانون الأمراض المزمنة مثل داء السكري وضغط الدم، ومشكلات الكبد والكلى، حيث يختلف الأمر من مريض لآخر وفقاً لطبيعة المرض ومرحلته، ولذلك لا يمكن أن يُحسم القرار في هذه الحالات إلا بعد استشارة الطبيب المختص، وفي السطور القادمة يتحدث مجموعة من الخبراء والمتخصصين حول هذا الموضوع وكيفية إدارة المرض خلال الشهر الكريم.

الصورة
1

يوضح د. عماد فياض، استشاري أمراض الجهاز الهضمي، أن الصيام يضع ضغطاً إضافياً على الكبد وتزيد حالته سوءاً، لدى المصابين بالأمراض المزمنة مثل: تشمع الكبد أو التهاب الكبد الحاد، أو فشل الكبد، أو أي حالة أخرى تؤثر في وظيفته، حيث لا يكون الجسم قادراً على إنتاج كمية كافية من الغلوكوز لتلبية احتياجاته للطاقة، ما يؤدي إلى تفكك الغلوكوز المخزن في الكبد وأنسجة العضلات.

ويضيف: يقوم الجسم أيضاً بتحطيم مخازن الدهون لتوليد الطاقة، ما يتسبب بتراكم منتجات ثانوية سامة في الدم، التي سيكون الكبد مسؤولاً عن معالجتها والقضاء عليها، ما يُشكل عبئاً إضافياً على الكبد وتضرره بشكل أكبر.

إرشادات وقائية

يؤكد د.فياض أن استشارة الطبيب تلعب دوراً مهماً قبل اتخاذ قرار الصيام في الشهر الفضيل، لإجراء تقييم وظيفة الكبد والأدوية اللازمة، وتحديد مدى إمكانية الانقطاع عن الطعام، مع الالتزام ببعض الإرشادات الوقائية، مثل:

• الحفاظ على ترطيب الجسم خلال ساعات الإفطار، عن طريق شرب الكثير من السوائل ومنع الجفاف الذي يؤدي إلى تدهور وظيفة الكبد.

• تناول حمية غذائية متوازنة خلال الفترة بين وجبتي الإفطار والسحور، وتشمل الأطعمة التي تحتوي على نسبة قليلة من الدهون، والغنية بالألياف.

المتاعبة الدورية

يرى د. أحمد السكري استشاري أمراض القلب التداخلية أن ضغط الدم غير الحاد من المشكلات الطبية التي يمكن السيطرة عليها باستخدام الأدوية واتباع نمط التغذية الصحي، ولذلك يستطيع المصابون الصيام، ولكن بعد استشارة الطبيب المختص والمتابعة الدورية وترتيب أنواع وتحديد مواعيد الأدوية في فترة ما بعد الإفطار إلى ما قبل السحور. يشير د.السكري، إلى أن المعدل لضغط الدم للشخص الطبيعي هو 120/80، ويمكن أن ينخفض أو يزيد بناء على عدة عوامل ومشكلات مرضية أخرى، ويُشكل ارتفاعه المشكلة الأكثر خطورة والتي يمكن أن تهدد الصحة، ولذلك يجب على المريض أن يلتزم بتقليل كميات الأكل والأملاح واللحوم الحمراء، والإكثار من الخضراوات والفاكهة، وممارسة الرياضة.

ويضيف: هناك بعض العوارض التي يجب الانتباه إليها وإنهاء الصيام في حال حدوثها، كحالات ارتفاع في ضغط الدم لأكثر من 160 / 100، أو الشعور بآلام في الصدر، أو الإصابة بجلطة في المخ أو وجود مشاكل في الكلى أو اضطرابات مستويات السكر.

آفات

ينصح د. أمجد فاروق، استشاري جراحة المسالك البولية، مرضى الفشل الكوي الحاد بعدم الصوم إلى أن يتعافى تماماً، أما المصابون بالفشل الكلوي المزمن ممن يعانون فقداناً تدريجياً لوظيفة الكلى فيمكنهم الصيام، لكن بعد استشارة الطبيب.

ويضيف: أما مرضى الفشل الكلوي الذين يخضعون لجلسات الغسيل ثلاث مرات في الأسبوع، كنوع من التدابير التي يمكن من خلالها المحافظة على قدرة الكلى في حال عدم قدرتها على إخراج البول، لا يمكنهم الصيام، لأن المريض يأخذ السوائل عن طريق الوريد في أثناء عملية الغسيل، لكنهم يستطيعون الامتناع عن الطعام خلال باقي أيام الأسبوع الخالية من الجلسات.

يؤكد د.فاروق، ضرورة متابعة مريض الفشل الكلوي مع طبيب التغذية خلال الشهر الفضيل، لتحديد نوعية الأغذية والكميات التي يمكن تناولها والأطعمة التي يجب تجنبها، لضمان المحافظة على سوائل الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، وبالتالي لا يعاني المصاب مشاكل في الرئتين والقلب أو مضاعفات أخرى.

ويضيف: يعد تناول وجبة السحور إلزامية لأن المريض يكون بحاجة إلى مصدر الطاقة أكثر من الإنسان العادي، ولذلك يجب على الذين يعانون خللاً في وظيفة الكلى ألاّ يفوتوا وجبة السحور أبداً، ليتمكنوا من التعويض عن السعرات التي يفقدها الجسم أثناء الصيام، ومن الأفضل تجنب المأكولات الغنية بالصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور، والإكثار من ملح الطعام والطماطم والبطاطس والبامية والموز والبرتقال والمانجا والمشمش والخوخ والمشروبات الغازية والمسكرات.

يذكر د.فاروق، أن المرضى الذين خضعوا لجراحة زراعة للكلى لا يمكنهم الصيام أبداً.

يلفت د.فاروق، إلى أن المريض الذي يعاني خللاً أو قصوراً في وظائف الكلى ولم يصل بعد لمرحلة الغسيل الكلوي، يتعين عليه في حال قرر الصيام أن يقلل من كمية البروتينات لكي لا يزيد العبء على الكلى، وبالتالي يكون مُعرضاً للفشل الكلوي الكامل والخضوع لجلسات الغسيل، أما الذي يخضع لجلسات غسيل الكلى بالفعل ويريد الصيام، فعليه أن يزيد من كميات البروتينات.

يوصى د.فاروق، مرضى الحصوات الكلوية بتناول كميات كثيرة من الماء، وخصوصاً خلال الفترة ما بين الإفطار والسحور.

مخازن الطاقة

تشير د. ملاذ يبرودي، أخصائية الطب الباطني، إلى أن الجسم يتجه للحصول على الطاقة من مخازن الجلوكوز والدهون الخاصة به بعد مرور 8 ساعات من الصيام الكامل، وعلى الرغم من المنافع التي يستفيد منها الجسم عند الانقطاع عن الطعام، والتي تشمل التخلص من الوزن الزائد، وخفض نسبة الكولسترول الضار، فإن بعض أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري والضغط قد يتعرضون لمضاعفات، ولذلك يجب عليهم الالتزام بالإجراءات الاحترازية في الشهر الكريم. وتقول: يجب على مرضى النمط الأول والمعتمدين على الأنسولين عدم الصيام، حيث إنهم لا يستطيعون إدارة المرض من دون تناول الطعام.

تؤكد د.يبرودي أن مرضى داء السكري من النمط الثاني يستطيعون الصيام، لكن بعد مراجعة الطبيب المختص لتحديد الأدوية والجرعات، واتباع الإجراءات الوقائية أثناء تناول وجبة الإفطار، والتي تتمثل في كسر الصيام بكأس ماء، وتمرة واحدة إلى ثلاث فقط، مع لبن أو زبادي، ويُفضل تقسيم وجبة الإفطار إلى عدة مراحل، تبدأ بتناول طبق الشوربة والسلطة والخضار، ثم راحة لمدة عشر دقائق، ثم الوجبة الرئيسية التي تعتمد بشكل أساسي على البروتينات مع تقليل النشويات قدر الإمكان والإكثار من الألبان والأجبان، مع الحرص على تناول كمية كافية من المياه والسوائل والألياف والخضراوات.

وتنصح د.يبرودي، بالابتعاد قدر المستطاع عن السكريات سريعة الامتصاص كالعصائر،وتأخير وجبة السحور قدر الإمكان إلى ما قبل أذان الفجر مباشرة.

صوم الحوامل آمن بشروط

تعد شهور الحمل من الفترات التي تعاني فيها المرأة مشكلات يمكن أن تؤثر في صحة الأم والجنين، مثل: انخفاض نسبة السكر في الدم والهبوط في الدورة الدموية، ويمكن أن تكون بعضهن عرضة للإصابة بفقر الدم وخاصة في الشهور الأولى نتيجة عدم القدرة على الطعام بشكل صحي، ولذلك على من يرغبن في الصيام خلال الشهر الفضيل مراجعة الطبيب المختص، والالتزام بالتعليمات الطبية، وإجراء الفحوص والتحاليل اللازمة بحسب مرحلة الحمل.

تؤكد د.ميسون محرز استشارية النساء والتوليد، أن النساء ممن لديهن حمل آمن ومنخفض الخطورة يمكنهن الصيام في الشهر الفضيل مع الالتزام بمجموعة من النصائح التي تتمثل في: تعويض السوائل في الفترة بين الإفطار والسحور بمعدل كوبين من الماء إلى 12 كوباً مع زيادة كمية الشوربة والخضراوات التي تحتوي على كمية غنية من الماء، كالخيار والخضراوات الورقية وغيرها، لتجنب الجفاف الذي يمكن أن يحدث نتيجة الانقطاع عن الطعام لساعات طوال، كما يجب الانتباه أيضاً إلى الحرص على تعويض الفيتامينات والمعادن والحديد، والكالسيوم عن طريق البيض والحليب.

وتضيف: ننصح السيدات الحوامل بالمشي بين الإفطار والسحور، حتى لا يتعرضن إلى زيادة خطورة حدوث الجلطات الوريدية، ويمكن الحركة أيضاً في محيط المنزل أثناء ساعات الصيام.

وتشير د.محرز، إلى أن السيدات اللواتي يعانين مشكلات عالية الخطورة في الحمل، كارتفاع ضغط الدم، والسكري المرتبط بالحمل، أو يكون حجم الجنين صغيراً عن الطبيعي، أو نقص كمية الماء التي تكون حول الجنين، أو من يكونون تحت تهديد المخاض المبكر لا يُفضل لهم الصيام، حتى لا يتعرضوا لمضاعفات ومخاطر شديدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3azbvfyv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"