عادي

أسواق الطاقة في الشرق الأوسط.. بين الطلب الصيني والمنافسة الأمريكية

19:48 مساء
قراءة 4 دقائق

دبي: «الخليج»

نظم مركز دراسات مستقبل الاقتصاد العالمي (CSGEF) مؤخراً ندوة إلكترونية بعنوان – جيواقتصاديات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: البعد الأحفوري – لمناقشة اقتصاديات الطاقة والتنافس الجيواقتصادي، لا سيما دور الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة العالمي. ووفرت الندوة منصة لكبار خبراء الطاقة وقادة الفكر الجيوسياسي والجيواقتصادي وقادة صناعة الطاقة لمناقشة آخر التطورات في مجال الوقود الأحفوري.

وكان من بين المشاركين في الندوة الإلكترونية محمود شريف، المدير العام في مركز دراسات مستقبل الاقتصاد العالمي، والدكتور ريني كاستانيدا، أستاذ في كلية الأمن والدراسات العالمية في الجامعة الأمريكية في الإمارات، وريد بلاكمور، نائب مدير مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، ولاندون ديرنتز، المدير الأول لمركز الطاقة العالمي في دارين، مركز ريتشارد مورنينجستار لأمن الطاقة العالمي في المجلس الأطلسي. وناقش المشاركون مواضيع مختلفة، بما في ذلك التطورات المتعلقة بالطاقة والوقود الأحفوري.

3 محركات

سلط ريد بلاكمور، الضوء على 3 محركات متزامنة للتقلبات وعدم الاستقرار في السوق والتي من المرجح أن تستمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتشمل تأثير العمل المناخي والابتعاد عن الوقود الأحفوري، والصدمات الجانبية للطلب والعرض الناتجة عن جائحة كوفيد-19، والتوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

وأشار ريد إلى أن سياسات الابتعاد عن الهيدروكربونات خلق حالة من عدم اليقين بشأن الطلب على النفط والغاز، ما قد يؤثر في قرارات الاستثمار، ويؤدي إلى تقطع السبل بالأصول في قطاع الطاقة. كما تسبب الوباء العالمي بخسارة هائلة في الطلب، لا سيما في الصين، وما زلنا متأثرين بتبعات تلك الصدمة. من ناحية أخرى، أدى الانتعاش الاقتصادي إلى ضغوط تضخمية تحاول البنوك المركزية إدارتها من دون التسبب بركود.

السوق الموازي

أربكت الحرب في أوكرانيا أسواق النفط والغاز العالمية من خلال تقليل المعروض من البراميل الروسية بسبب العقوبات الغربية، ما أدى إلى ظهور السوق الموازي لتلك البراميل وتفكك محتمل للسوق. ووفقاً لأحد التقديرات، يمكن أن يصل الخفض في إنتاج النفط الروسي إلى 500 ألف برميل يومياً، ما يؤثر في توازن أمن الطاقة، والقدرة على تحمل التكاليف، والاستدامة التي يحتاج المنتجون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أخذها في الاعتبار.

وسلط ريد، الضوء على أهمية الغاز الطبيعي المسال وإمدادات الغاز، التي كان الطلب عليها مرتفعاً على المدى القصير بسبب أزمة الموارد الجانبية الناجمة عن القوى في أوروبا التي تسعى إلى استبدال الغاز الروسي وتسريع الانتقال إلى مصادر متجددة. وأشار إلى أن الاستثمار الضخم في قطاع الطاقة في قطر أصبح الآن أمراً بالغ الأهمية لتلبية الطلب على الغاز.

وفي الختام، قال ريد: إن المنتجين والمستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحاجة إلى أخذ الحذر والحيطة من مخاطر السوق من خلال تنويع مصادر الطاقة الخاصة بهم والنظر في التوقعات قصيرة الأجل وطويلة الأجل. وأشار إلى أن المعضلة الثلاثية للطاقة المتمثلة في الأمن والقدرة على تحمل التكاليف والاستدامة يمكن أن توفر إطاراً لسياسات الطاقة الفعالة وقرارات الإنتاج في المنطقة.

إعادة توجيه

وركزت المناقشة أيضاً على إعادة توجيه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نحو المنطقة، التي كانت مستورداً صافياً للوقود الأحفوري لأكثر من نصف قرن، لكنها الآن تعد مصدراً صافياً لما يصل إلى 1.5 مليون برميل من النفط يومياً. وقد أثر هذا التحول بشكل كبير في بلدان غرب إفريقيا، التي فقدت سوقاً رئيسية لصادراتها من النفط الخام. ورأى لاندون أن الصين أصبحت الآن أكبر متلقٍ للوقود من الشرق الأوسط، ما يعكس إعادة توجيه أوسع في النطاق لتجارة الطاقة العالمية.

وسلط لاندون، الضوء على الحاجة المستمرة إلى الاستثمار في الطاقة الأحفورية والتقنيات عديمة الانبعاثات. بينما يتوقع بعض الخبراء انتقالًا سريعاً نسبياً إلى مستقبل صافي الانبعاثات الصفري، سيستمر استثمار عشرات التريليونات من الدولارات في الطاقة الأحفورية في العقود القادمة. ومع ذلك، فإن المخاوف بسبب عدم اليقين فيما يتعلق بانتقال الطاقة وضغوط مستثمري الغاز الطبيعي المسال قد خلقت شعوراً بالقلق بشأن قرارات الاستثمار.

وتناولت الندوة الآثار طويلة الأجل للمساهمة المستقبلية للنفط والغاز في مزيج الطاقة، حيث تتراوح التقديرات من 24 مليون برميل يومياً في سيناريو صافي الانبعاثات الصفري 2050 التابع لوكالة الطاقة الدولية وإلى 90 مليون برميل يومياً في سيناريو التقنيات المتقدمة لمنظمة أوبك بحلول 2040-2045. وعلى الرغم من التحول نحو الطاقة المتجددة، فسيظل النفط والغاز جزءاً من مزيج الطاقة، وقد يؤدي نقص الاستثمار إلى فجوة في العرض في المستقبل، مع تقلبات كبيرة في الأسعار والقضاء على الطلب.

وشدد محمود شريف على الحاجة إلى إجراء مناقشات وتقييم بشكل مستمر لقطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتحوله بغرض إزالة الكربون على الصعيد العالمي وعوامل أخرى. كما قدم شرحاً للعوامل الاقتصادية التي تؤثر في العرض والطلب والأسعار، إضافة إلى الوضع الجيواقتصادي المتقلب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتأثيرها في إنتاج الطاقة على المسرح العالمي.

وسلطت الندوة، الضوء على مختلف القوى التي تؤثر في الطلب على الهيدروكربونات، مثل التحول في مجال الطاقة، ومصادر الطاقة المتجددة، والتقدم التكنولوجي، واحتياطيات النفط، وأسعار الفائدة، والمنافسة الجيواقتصادية. غير أن المتحدثين أكدوا أن الهيدروكربونات ستظل عنصراً مهماً في مزيج الطاقة في المستقبل المنظور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y8rcpd7u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"