عادي

علاج البكتيريا الضارَّة

21:11 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سويس إنفو)

يُشكِّل تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية خطراً متفاقماً يهدد الصحة العامة في جميع أرجاء العالم. وفي سويسرا، يجري العمل الآن على جمع ودراسة مجموعة من الفيروسات النافعة (تعرف باسم العاثيات) لمُساعدة الباحثين حول العالم على تطوير علاجات جديدة للأمراض البكتيرية المستعصية.

ولم يمض زمن طويل على خروج العالم من الأزمة التي سبَّبتها جائحة كوفيد-19. وفي هذا التوقيت، قد يبدو الحديث عن فيروسات «نافعة» مفارقةً غريبةً. ويجدر القول في هذا المقام، إن الفيروسات ليست كلها ضارَّة بصحة البشر. فالعاثيات هي نوع من الفيروسات يتطفَّل على البكتيريا ليتكاثر داخلها فيقضي عليها.

ويرى ألكساندر هارمس، عالم الأحياء الدقيقة، أنَّ هذا النوع من الفيروسات قد أثبت أنَّ له فائدة كبيرة للبشر وأنَّه قادر على إنقاذ الكثير من الأرواح. ويستدرك قائلاً إنَّ «دراستها، أي العاثيات، أشبه ما تكون باستكشاف الجانب البعيد من القمر»، وذلك بسبب قلة المعلومات والمعارف بشأنها.

وفي عام 2019 ولزيادة المعارف عن هذه الفيروسات، عكفت مجموعة من طلبة المرحلة الثانوية في مدينة بازل على جمع عينات من موائلها في الطبيعة، وأجروا عليها دراسات لتحديد خصائصها. واليوم، باتت هذه الفيروسات مصدراً مهماً للمؤسسات البحثية من مختلف أرجاء العالم، ويؤمل أن تُستخدم يوماً ما كعلاج للعدوى البكتيرية.

وكسائر أنواع الفيروسات، لا تستطيع العاثيات التكاثر إلا في جسم العائِلِ، فتغزو البكتيريا وتتطفل على جهازها الأيضي لتتكاثر داخلها. وبعد إتمام عملية التكاثر، تخرج العاثيات الجديدة من البكتيريا العائلةِ مسببة تمزُّقاً أو تحلُّلاً في خلاياها، ومن ثمَّ موتها.

وتعيش هذه الفيروسات النافعة بأعداد تبلغ المليارات على امتداد النظم الحيوية في كوكب الأرض، من أرضيات الغابات إلى أسطح المحيطات، ولها دور حيوي في دورة الكربون. فعلى سبيل المثال، لدى العاثيات القدرة على تحليل البكتيريا البحرية ونشر ما تختزنه من مغذيات في مياه المحيط. وتعيش أيضاً في أجسامنا، ولكنها لا تهاجم الخلايا البشرية، ويقتصر تأثيرها على تركيبة المجموعات البكتيرية في أجسامنا.

ويرى هارمس أنَّ العاثيات من الأدوات البحثية التي لها أهمية كبيرة، وذلك بفضل قدرتها على انتقاء أنواع البكتيريا التي تغزوها، فهي قادرة على تمييز أنواع محددة من البكتيريا، وغالباً ما يقتصر هجومها على سلالات محددة من هذه الأنواع البكتيرية، ويمكن الاستفادة منها في القضاء على بعض أنواع البكتيريا التي تسبب تلوّث الأغذية، كالسلمونيلا، أو في علاج الالتهابات البكتيرية التي تصيب الأجهزة البولية والتنفسية.

وينصبُّ اهتمام هارمس على العاثيات التي تهاجم «البكتيريا النائمة» أو «الصوامد» وهي بكتيريا تسبب التهابات مزمنة وتتميز بقدرتها على مقاومة المضادات الحيوية عن طريق الذهاب في سبات عميق إلى حين زوال أثر المضاد الحيوي. ومن أجل دراسة هذا النوع من العاثيات، يتجهَّز هارمس بعدَّته من أنابيب اختبار وينطلق إلى الطبيعة ليجمع عينات منها.

وظهرت فكرة استخدام الفيروسات النافعة كعلاج طبي في أوائل القرن العشرين، وتحديداً في المنطقة التي كانت تُعرف باسم الاتحاد السوفييتي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2zcvxct2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"